ينتظر أهالي القرى المطالبة بالانفصال عن بلدية شمسطار مقرّرات جلسة مجلس الوزراء اليوم، المتعلقة بالانتخابات البلدية، للإعلان عن الخطوات التصعيدية التي سيتخذونها في حال استمرار ما يسمونه «المماطلة» في منحهم حقهم بالفصل نتيجة «قرار سياسي حزبي» عطّل اتفاقاً كان قد حصل
رامح حمية
لم تدم فرحة أهالي بلدات بيت شاما ــــ العقيدية، وكفردان ــــ بيت سويدان ــــ الزعارير، لدى سماعهم خبراً عن توصّل المجلس البلدي في شمسطار إلى الاتفاق على قرار فصل قراهم عن بلدية شمسطار، وإنشاء بلديتين باسمهم، سوى أيام عدة فقط. فقد فوجئوا منذ أيام بحديث عن «قرار سياسي» يعرقل المشروع. خبر غير سارّ، لأنه يقف حائلاً دون نيلهم الاستقلالية التي ينشدونها منذ سنين، والتي تخوّلهم اللحاق بأولئك الذين سبقوهم إلى الانفصال عن شمسطار، كبلدات طاريا، حدث بعلبك، رماسا وقلد السبع. كما يحرمهم هذا الأمر من تقرير المشاريع الإنمائية والخدماتية التي ينوون تنفيذها لبلداتهم.
يقول عدد من أهالي بيت شاما إنهم فوجئوا بأن قرار الفصل الذي اتُّخذ لم يأخذ مساره إلى وزارة الداخلية بسبب «عدم وجود القرار السياسي ــــ الحزبي». علماً بأن البلدة تتمتع بكلّ المواصفات التي تخوّلها الحصول على الفصل، بدءاً من النطاق الجغرافي ــــ العقاري الخاص بها، وصولاً إلى عدد الناخبين (بيت شاما 1205 ناخبين والعقيدية 350 ناخباً).
يقول المهندس بلال فرحات، الممثل لبلدة بيت شاما في بلدية شمسطار، والمتابع لملف الفصل بكل حيثياته وتفاصيله، إن البلدية مارست في الفترة السابقة «نوعاً من المماطلة المقصودة، وهي اليوم تقف تحت تأثير القرار السياسي ــــ الحزبي ــــ الشخصي في وجه حصولنا على قرار الفصل». هو يرى أن الهدف الأساسي من المماطلة كان الاستفادة القدر الكافي من الوقت «لوضع اليد على أموالنا التي تنصهر وتذوب في مشاريع البلدية وأولوياتها عامة»، موضحاً أن المبلغ المخصص لبلدة بيت شاما من الموازنة يناهز التسعين مليون ليرة بالنظر إلى عدد الناخبين فيها، كما أن نسبة الجباية فيها تصل إلى 38% فيما نسبة الجباية في شمسطار تبلغ 13% (بموجب تقرير الموازنة الذي تعده البلدية).
ويوضح أنه كان قد تقدّم بطلب الفصل إلى وزارة الداخلية بتاريخ 18 أيلول ــــ سبتمبر 2007، سُجّل تحت الرقم 19129، ثم أُحيل إلى بلدية شمسطار لإبداء الرأي واتخاذ قرار الفصل، على أن يعاد إلى وزارة الداخلية.
بيت شاما قد تقاطع الانتخابات ترشيحاً واقتراعاً فيما لو تعذّر الفصل
الإحالة بقيت في أدراج البلدية منذ عام 2008، إلى أن أثارت «الأخبار» الموضوع (بتاريخ 28 تشرين الثاني 2009). عندها حُرّك الملف من خلال مطالبات الأهالي، الأمر الذي أعاد الحيوية له، ودفع بلدية شمسطار «للرضوخ» لقرار الفصل، فعقدت جلسة للمجلس البلدي بتاريخ 31 كانون الثاني 2010 حضرها الوزير حسين الحاج حسن (بناءً على طلب من البلدية). وجرى خلال الاجتماع التوافق على فصل بلدتي بيت شاما والعقيدية، وذلك بعدما حضر مختارا هاتين البلدتين إلى مبنى البلدية، وأكدا على موافقتهما والأهالي على الفصل. بعد المداولات اتخذ القرار الذي سجّل في محضر الجلسة، ويقضي بفصل بيت شاما ــــ العقيدية، عن بلدية شمسطار ــــ غربي بعلبك على أن تنشئ وزارة الداخلية بلدية مركبة لهما ضمن نطاق عقاري واحد. لكن، لأن الجلسة عقدت بتوقيت «سيئ»، أي الساعة التاسعة ليلاً (حدّدها الرئيس)، وفي ظلّ عدم وجود أي موظف، وبالنظر لوجود خطأ لغوي في القرار، أقدم الوزير حسين الحاج حسن على تنقيحه، واتُّفق على تصحيحه وطباعته في اليوم التالي وعرضه على الأعضاء لتوقيعه (وهو أمر يحصل دائماً). ويؤكد فرحات أن هذا ما حصل فعلاً في اليوم التالي، حيث حضر إلى البلدية وعرضه على كلّ الأعضاء وحصل على تواقيعهم وسلّمه لرئيس البلدية لمهره بتوقيعه، إلا أن المفاجأة تمثلت «بتلكئه في التوقيع»، والذريعة التي قيلت لفرحات هي أن «القرار السياسي يمنع ذلك»، من دون توضيح ماهية ذلك القرار السياسي ومدى تأثيره على البلدية!
من جهته، ينفي رئيس بلدية شمسطار فاضل الحاج حسن في حديث لـ«الأخبار» أن يكون المجلس البلدي قد اتخذ قراراً بالفصل، قائلاً: «صحيح أن الأمر نوقش ووافق الأعضاء ولكن لم يُوقّع»، مستبعداً أن تتم الموافقة والمصادقة عليه يوم الجمعة المقبل لأن الجلسة مخصصة لقطع الموازنة. ولفت إلى أن قرار الفصل يحتاج إلى قرار سياسي ــــ حزبي، وأن ما يؤخر ذلك مسألة حصول الانتخابات أو تأجيلها، حتى لا تضيع القرى المنفصلة لناحية التبعية فيما لو تأجّلت الانتخابات».
لكن فرحات يرى أن قرارات المجلس البلدي نافذة بحد ذاتها، لأن على رئيس السلطة التنفيذية أن يودع سلطة الرقابة الإدارية قرارات ومحاضر جلسة المجلس البلدي خلال مهلة لا تتعدى الأسبوع (قانوناً)، مضيفاً أنه تقدّم بتاريخ 15 شباط الجاري بطلب للإسراع في الحصول على نسخة مصدّقة من قرار المجلس البلدي بفصل بيت شاما لتقديمه إلى وزارة الداخلية، والسبب في ذلك يعود إلى أن القوائم الانتخابية ستُثبّت في 31 آذار، وحرصاً منّا على عدم مداهمة الوقت لنا». وخلص إلى أن أهالي بيت شاما والعقيدية «مصرّون على قرار الفصل حتى لو كانت بعهدة القائمقام وهم سيقاطعون الانتخابات المقبلة ترشيحاً واقتراعاً فيما لو تعذّر
الفصل».
المشكلة الثانية تبرز في كفردان، التي كان من المقرّر فصلها أيضاً بعدما أحضر مختاروها طلب الفصل، لكنها شطبت من محضر الجلسة بطريقة مستغربة.
شمسطار تتخوّف من فصل القرى قبل انتخابات قد تتأجل
مختار بلدة كفردان يونس الزين أكد أنه تقدّم، ومختار البلدة الثاني أيمن حيدر، إلى بلدية شمسطار بقرار موافقة الأهالي على الفصل، مستغرباً عدم ورود اسم بلدة كفردان في القرار. وقال إنه بعد استيضاح المسألة من الوزير حسين الحاج حسن «تبيّن لنا من ردّه أن الأمر يتعلق بموعد الانتخابات، فإذا تأجّلت فلن يتم الفصل والعكس صحيح».
بدوره غسان حيدر، ابن كفردان، يرى في شطب اسم بلدته من المحضر «عقاباً للأهالي على مطالبتهم بالفصل، وخصوصاً أن الإحصاءات الأخيرة تؤكد أن كفردان ستمثّل عبئاً على البعض فيما لو انفصلت، ومن الأفضل لهم أن تبقى أصواتها منصهرة ضمن أصوات البلدات التابعة لشمسطار». حيث يقول إن «القرار السياسي لم يعد يؤثر في الأهالي لأنهم شبعوا غشاً، وهم سيواجهون قرار عدم فصلهم بالتحرّك في الشارع»، واضعاً المسألة برسم رئيس الجمهورية ووزير الداخلية.
يشير إلى أن رغبة أهالي القرى بالانفصال عن بلدية شمسطار غربي بعلبك مردّها إلى الشعور بـ«الغبن» الذي كان يعرقل «مسيرة التقدم» في بلداتهم وذلك من خلال استبعادها عن المشاريع الخدماتية بذريعة أن «حصتكم أخذتوها» بحسب ما يقول شوقي موريس فرحات، معتبراً أن الفصل يمثّل بالنسبة لهم الخطوة الأولى في بناء بلدتهم. مختار بلدة كفردان الغربي أيمن حيدر رأى أن كفردان (1220 ناخباً وبيت سويدان 325 ناخباً)، تستحق نيل قرار الفصل، لأنها لم تحصل خلال 6 سنوات من عمر هذه البلدية إلا على تعبيد طريق بطول كيلومتر واحد وبذريعة أنها أخذت حصتها أيام البلدية السابقة. ويعيد حيدر السبب في هذا الإهمال إلى «عدم مطالبة العضو الممثل لنا في بلدية شمسطار بأي من المشاريع والخدمات، وكأنه عقاب على مطالبتنا بالفصل». حيدر شدد على أن مسألة الفصل «هامة جداً في الانتخابات المقبلة، لجهة أن المرشح في البلدة من الممكن ألا يدخل عضوية المجلس البلدي على أساس اللائحة الكبيرة (مستوى بلدية شمسطار وقراها الأربع عشرة)، فيما يستطيع النجاح وتأمين التمثيل الصحيح عندما يأتي بأصوات أهله لا بأصوات ناخبين لا يعرفونه»!
يذكر أن «الأخبار» حاولت الاتصال أمس بالوزير حسين الحاج حسن لاستيضاحه الأمر، والتأكد من المعلومات التي ذكر اسمه فيها إلا أنها لم تنجح في ذلك «كونه خارج لبنان».