يستعدّ لبنان للمرافعة أمام الأمم المتحدة عن حالة حقوق الإنسان فيه، في الدورة التاسعة التي ستعقد في كانون الأول المقبل. جمعيات حقوق الإنسان بدأت بإعداد تقاريرها في سباق مع الوقت، أما الحكومة فلديها متّسع من الزمن لتدوير الزوايا... كالعادة
بسّام القنطار
12 نيسان ٢٠١٠. على المنظمات غير الحكومية الناشطة

في قضايا حقوق الإنسان في لبنان أن تحفظ هذا التاريخ جيداً، ففيه تغلق (عند الساعة الثانية عشرة ظهراً بتوقيت جنيف) مهلة قبول المفوضية السامية لحقوق الإنسان تلقّي تقارير الجمعيات في ما يتعلق بالاستعراض الدوري الشامل لحالة حقوق الإنسان في لبنان، التي من المقرر أن تجرى في كانون الأول المقبل في المقر الأوروبي للأمم المتحدة.
هذه هي المرة الأولى التي يخضع فيها لبنان للاستعراض الدوري الشامل لحالة حقوق الإنسان أمام المنظمة الأممية، ومع ذلك لا يزال حراك الجمعيات ومراكز الأبحاث والنقابات لإعداد التقارير الموازية دون المستوى المطلوب، من دون أن نغفل أن الحكومة معنية أيضاً بإقامة جلسات تشاور أثناء إعداد التقرير الحكومي الذي يقدم عادة قبل ساعات من انعقاد الجلسة.
وفيما بدأ مركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب منذ أشهر بتشكيل ائتلاف غير حكومي لصياغة تقرير غير حكومي، عقد أمس بمبادرة من مؤسسة فردريتش إيبرت، وشبكة المنظمات العربية، وجمعية رواد، اجتماع للتعريف بآلية إعداد التقرير الشامل، وتقرر تأليف لجنة لصياغة تقرير آخر للمنظمات غير الحكومية. ولا يستبعد أن تكون هناك أطراف أخرى تعدّ لمبادرات مماثلة.
التنوع في الإعداد للتقارير غير الحكومية يعكس منافسة مشروعة من قبل الجمعيات. لكن هذه التقارير، على كثرتها، ستلخّصها المفوّضية السامية لحقوق الإنسان في عشر صفحات. وفيما تركّز الأمم المتحدة على الطابع الحقوقي لهذه التقارير وترفض الطروحات السياسية، إلا أن ذلك لا يلغي كون التقارير غير الحكومية يمكنها التطرق إلى مواضيع الحقوق السياسية الأساسية التي كفلتها الشرعة الدولية لحقوق الإنسان.
وقد أجمع المشاركون في جلسة أمس التي عقدت في فندق البريستول على أن من الصعب أن يجري الاتفاق على تقرير موحد للمنظمات غير الحكومية، وذلك بسبب تنوع القضايا التي تعمل عليها كل جهة، والتي ترتبط أيضاً بآليات التمويل التي تقرّها الجهات المانحة. وتختلف الجمعيات في الأولويات التي يجب إبرازها، فجمعيات الدفاع عن حقوق المعوقين تختلف أولوياتها عن تلك المعنية بحقوق اللاجئين والسجون والتعذيب والمفقودين، واللائحة تطول لتشمل منظمات حقوقية لبنانية تركز تقاريرها على حزب الله وكل ما يتعلق بعمله، كما أن بعضها قدمت تقارير وعرائض تتعلق بسوء المعاملة التي يتعرض لها العملاء في أثناء التحقيق معهم في المحاكم العسكرية.
رئيس مركز الخيام، محمد صفا، أكد لـ«الأخبار» أن التقرير الذي بدأ المركز بإعداده سيشتمل على العديد من انتهاكات حقوق الإنسان في لبنان والتي تقوم بها السلطات اللبنانية، لكنه لن يغفل أيضاً الانتهاكات الإسرائيلية والتي كان آخرها اختطاف راع في مزارع شبعا، إضافة إلى قضية القنابل العنقودية ومتابعة القضايا المرتبطة بعدوان تموز ٢٠٠٦ من الملف الجنائي المتعلق بمحاكمة مجرمي الحرب إلى التعويضات على التلوث النفطي وغيرها من القضايا التي اتخذت الأمم المتحدة قرارات بشأنها.
ويلفت صفا إلى أن المواجهة في جنيف لن تكون محصورة بين الحكومة اللبنانية والمجتمع المدني اللبناني، بل هناك منظمات صهيونية ستكون حاضرة أيضاً. لذلك، علينا الموازنة بين الضغط لصدور توصيات تتعلق بقضايا حقوق الإنسان في الداخل اللبناني، وانتهاكات حقوق الإنسان الناتجة من الاحتلال الإسرائيلي وتبعاته، دون أن نغفل ملف المفقودين اللبنانيين في السجون السورية وغيرها.
في المقابل، ترى جوليا البعيني من شبكة المنظمات العربية، أن من الضروري أن يجري الإعداد لتقرير أهلي يشتمل على القضايا التي تعمل عليها الجمعيات التي من الممكن أن يصدر في نهاية جلسة الاستماع توصيات بشأنها تساعد في عملية الضغط على الحكومة اللبنانية لإقرارها، ومنها قضايا حق المرأة اللبنانية بمنح الجنسية والقانون المدني الاختياري وقانون العنف الأسري وسوء معاملة العاملات الأجنبيات وغيرها.
بدوره، يلفت المدير الإقليمي لمنظمة التأهيل الدولي، خالد المهتار، إلى أن قضية حقوق المعوّقين ستكون حاضرة بقوة في جنيف، لأن من المطلوب أن تصدّق الحكومة اللبنانية على الاتفاقية الدولية للمعوّقين، وأن تصدر المراسيم التنفيذية لقانون المعوّقين الذي لا يزال حبراً على ورق.