أوقفت القوى الأمنية تاجر مخدّرات مطلوباً بموجب 59 مذكّرة توقيف عدلية داخل سيارة النائب القواتي إيلي كيروز. القوات نفت علاقتها بالمسألة، وعدّت التوقيف مصادفة، لكنّ المعلومات الأمنية تحدّثت عن رصد وتعقّب سبقا التوقيف بأيّام
رضوان مرتضى
أوقف بطرس ح. (مواليد 1962) داخل سيارة خاصة تابعة لعضو كتلة القوات اللبنانية النائب إيلي كيروز على حاجز ضهر البيدر. الخبر مؤكّد، لكن كيفية التوقيف لا تزال موضع جدل مختلفاً عليه، كما أن هناك كلاماً أثير عن ضبط مخدّرات بحوزة الموقوف داخل السيارة، فضلاً عن علاقة لحزب القوات اللبنانية به.
الكلام المثار فرض وجود روايات عديدة، لكن الثابت، بحسب مسؤول أمني، أنّ بطرس ح. كان يخضع للمراقبة قبل أيام من توقيفه. ويروي المسؤول المذكور أن بطرس كان يستقل سيارة رباعية الدفع للتنقّل، لافتاً إلى أن الموقوف كان في محلة الجديدة قبل أن يقصد بلدة دير الأحمر، للمشاركة في جنّاز جندي في الجيش اللبناني من آل حبشي. لكنه يشير إلى أن بطرس لم يصعد في سيارته أثناء طريق العودة، بل صعد في سيارة النائب كيروز. ينفي المسؤول الأمني علمه بسبب استبدال بطرس سيارة العودة، مُعيداً الأمر إلى الضرورات الأمنية، التي ربما يعتمدها المشتبه به.
إذاً، وصل بطرس بسيارته. شارك في الجنّاز، ثم غادر بسيارة النائب كيروز. جميع تحرّكات المشتبه به ترصدها الشرطة القضائية بواسطة مخبر. أعطى المخبر مواصفات الملابس التي يرتديها المشتبه به، ومواصفات السيارة. انطلقت السيارة، فأُوقفت على حاجز ضهر البيدر. أوقف المشتبه به بناءً على مذكّرات التوقيف الـ59 الصادرة بحقّه بجرائم مخدّرات. فُتّشت السيارة، وهي من نوع مرسيدس، تحمل لوحة عادية، فلم يُعثر بداخلها على مخدّرات، عندئذ سُمح لها بمواصلة سيرها. وفي هذا الإطار يؤكّد مسؤول أمني رفيع لـ«الأخبار» أن الموقوف بطرس ح. هو أحد تجّار المخدرات الكبار، لذا يُستبعد قيامه بنقل المخدرات بنفسه، لأن لديه مَن وظيفته النقل.
وبالعودة إلى الروايات المتناقَلة، تفيد الرواية الأولى، التي تستند إلى بيان القوات اللبنانية، أن توقيف بطرس حصل مصادفةً، بعد طلب عناصر حاجز ضهر البيدر هويات ركّاب السيارة العائدة إلى النائب، التي كان يقودها مرافقوه، فتبين عندها أن أحد ركّابها مطلوب للقضاء. وتشير رواية القوات إلى أن مرافقي النائب كيروز كانوا يشاركون في جنّاز شقيق دركي مفصول لحماية النائب نفسه في دير الأحمر، وأنه بعد انتهاء الجنّاز طلب بطرس ح. إليهم أن يقلّوه معهم إلى بيروت فوافقوا. وأثناء مرورهم على حاجز ضهر البيدر طلب عناصر الحاجز هويات الركاب، فتبيّن وجود مذكّرة قديمة صادرة بحق بطرس في مسألة حيازة مخدرات، رغم أنه لم تُضبط بحوزته أيّ ممنوعات في السيارة العائدة إلى النائب كيروز، فأُوقف، فيما تابع مرافقو كيروز طريقهم في سيارته بطريقة طبيعيّة.
رواية «القوات اللبنانية»، التي ترى أن عنصر المصادفة هو الذي أدّى دوره في ما جرى، إضافةً إلى وجود مذكّرة قديمة صادرة بحق بطرس ح. لا تتوافق مع الرواية التي نقلها البيان الصادر عن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، والتي أكّدت كلام المسؤول الأمني، عن أنّ مكتب مكافحة المخدرات المركزي كان يُجري عملية رصد وتعقّب لبطرس ح. منذ أيام، قبل أن تسنح الفرصة لتوقيفه عند الساعة السادسة من مساء الثلاثاء على حاجز ضهر البيدر.
جرت عملية التوقيف بعد رصد وتعقّب. بدأت بعدها تداعيات التوقيف، التي تناقلت سيناريوهات عديدة بشأن الانتماء الحزبي للموقوف، وعلاقته بحزب القوات والنائب كيروز. فتحدّثت وسائل إعلامية عن تورّط القوات اللبنانية مباشرةً، لكنّ ذلك كلّه يبقى في الإطار السياسي إلى أن ينتهي التحقيق، الذي يُفترض أن يأخذ السياق القانوني للمسألة.


مهما قلنا فلن يصدّقونا

«مهما قلنا فلن يصدّقونا» يقول مختار دير الأحمر حنّا حبشي في سياق إجابته عن سؤال لـ«الأخبار» بشأن انتماء بطرس ح. إلى القوات، نافياً علمه بوجود علاقة تربطه بالقوات. يذكر حبشي أن بطرس ح. هو أحد أبناء البلدة وكان يشارك في جنّاز الجندي ألبير حبشي، لافتاً إلى أنه «بعد انتهاء الجنّاز، طلب بطرس من مرافقي النائب توصيله معهم، وبما أنهم أبناء بلدة واحدة وافقوا من دون علمهم بأنه مطلوب». في المقابل، نفى المختار طعان حبشي أن يكون سائق النائب إيلي كيروز على معرفة ببطرس، لافتاً إلى أن الأخير استغلّ وجود سيارة النائب وحاول الهروب عبرها باعتبار أن لا أحد يعلم بأنه مطلوب. وقد علمت «الأخبار» من مقرّبين من الموقوف أنه كان عنصراً سابقاً في «القوات».