كثيراً ما تحدث مشاكل مع الميكانيكي بسبب خلل في التصليح أو طلب سعر مرتفع. لكن أن يستبدل ميكانيكي قطعة سيارة بقطعة مهترئة، هل يمكن أن يمرّ مرور الكرام؟
محمد محسن
لم يكن إبراهيم (اسم مستعار) يعلم أن الخباز سيأكل نصف خبزه. فقد شعر سائق الأجرة الخمسيني بخلل في محرّك سرعة سيارته، أول من أمس، فتوجه ــــ كما تجري الأمور في الحالات المشابهة ــــ إلى مرأب لتصليح السيارات، في منطقة الغبيري. المنطقة هناك معروفة بكثافة ميكانيكيي السيارات فيها، ومهارتهم في «لغم» المحركات وتصليح السيارات على اختلاف «موديلاتها» وأنواعها. طلب منه الميكانيكي 70 دولاراً أميركياً، فقبل إبراهيم مضطراً، لأن السيارة هي وسيلته الوحيدة في كسب العيش. حتى الآن، كل شيء يجري على ما يرام. في اليوم التالي، عاد السائق ودفع للميكانيكي ثمن أتعابه، وأخذ سيارته بعد تصليحها. حصلت المفاجأة في طريق العودة. تجدّد الخلل في السيارة، لكن القصة، حتى الآن، بقيت في إطار المناكفات العادية بين الميكانيكيين وزبائنهم. وبسحر ساحر، تعطّل «كاربيراتير» السيارة، فنزل السائق «العتيق» ودقق في المحرّك. استغرب تعطّل السيارة بعد خروجها فوراً بنصف ساعة من مرأب التصليح. وهنا بدأت صدمته. تعامل مع ميكانيكيين كثر، ومرّ على مسامعه قصص غش أكثر، لكن ما رآه كان مختلفاً تماماً. تبين له أن الميكانيكي «سرق كاربيرتير سيارته» واستبدله بآخر قديم وصدئ. غضب وعاد فوراً إلى المرأب. هناك، وعلى ذمته، تشاجر مع صاحب المرأب، بحضور عدد كبير من الزبائن، وأصر الميكانيكي على إنكار فعل السرقة. حينذاك، لم يجد السائق بدّاً من التوجه إلى قوى الأمن الداخلي، في المخفر القريب (مخفر الغبيري). اشتكى طالباً المساعدة، فحضر معه رجال من قوى الأمن، وبعد أخذ ورد، اعترف الميكانيكي بسرقة «الكاربيراتير»، نافياً أن يكون على علم مباشر بالقصة، ومدّعياً أن أحد أجرائه قام بهذا الفعل من تلقاء نفسه. في الوقت عينه، تعهّد بأن يعيد القطعة المفقودة من السيارة إلى صاحبها في أسرع وقت. المفارقة، أن المدّعي، طالب الميكانيكي بأن يقسم بالقرآن الكريم كي يصدقه، لأنه يثق به أكثر مما يثق برجال الأمن. ووفقاً لشهادة صاحب التاكسي، فإن رجل الأمن الذي رافقه من المخفر، مازح الميكانيكي ـــــ المتهم، فنصحه بألا يقسم كذباً، كي لا يصيبه ما أصاب أحد أبطال مسلسل «باب الحارة» الشهير (الإدعشري)! تبقى حالة إبراهيم محصورة في إطار

سرقة قطع السيارات في بيروت «كالحلاوة»
ضيق، وقد نفى مسؤول أمني حصول أي صدام على خلفية حالات مشابهة، تحديداً في منطقة الغبيري. المشكلة الحقيقية، عملياً، في هذا المجال، كانت قد بلغت أوجها في منتصف العام الماضي، حين ألقت دورية من قوى الأمن الداخلي على مجموعة من الأطفال، في منطقة حي السلّم ــــ البركات. اشتبهت القوى الأمنية بقيام مجموعة الأطفال بسحب وفك ما سهل حمله من قطع السيارات المتوقفة في الشوارع أثناء النهار. ووفقاً لمسؤول أمني، سرقة قطع السيارات في بيروت «كالحلاوة». وفي هذا الإطار، لفت المسؤول إلى أن الأولاد ماهرون في سرقة القطع الصغيرة، وبأدوات بسيطة كالمفكات والسكاكين. كانوا ينتزعون المرايا، ومسجلات الصوت، وكل القطع التي تسمح لهم أجسادهم الصغيرة بحملها من دون عناء، تمهيداً لبيعها في الأسواق الشعبية القريبة. اختفى الطفل محمد (اسم مستعار)، علماً بأنه كان يلعب كرة القدم في الطريق، من دون أن يكون على علاقة مباشرة بالمشتبه فيهم من الصغار. لم يشتبه أحد في الأطفال... لأنهم أطفال. ولأن سرقاتهم تتم في وضح النهار. لكن، في إحدى «الكبسات»، «اعتقلت» القوى الأمنية مجموعة منهم، وكان محمد من ضمن من وضعوا في آلية الدرك. في الحي الذي يسكنه محمد ساد هرج ومرج وسرت شائعات عن اختطافه، لكنه عاد في المساء، بعدما تبين أنه «اعتقل» مع عصابة الأطفال، لمصادفة وجوده في المكان ذاته، أثناء تنفيذهم إحدى «عملياتهم»!