انتهت أخيراً أعمال تأهيل سجن صور، إنها الورشة الثالثة التي يخضع لها المبنى، ومن المنتظر أن يتم «افتتاحه» رسمياً خلال أيام، وذلك في انتظار إنجازات الرسمية الروتينية التي تتولاها إدارة السجون في لبنان
أمال خليل
خلال أيام تفتتح إدارة السجون في وزارة الداخلية وجمعية «انترسوس» الإيطالية، سجن صور بحلته الجديدة... وذلك بعد ترميمه للمرة الثالثة.
هذه المرة تندرج عملية الترميم في إطار المشروع الثنائي بين السفارة الإيطالية في لبنان ووزارة الداخلية

، والهدف منه تحسين أوضاع العيش داخل السجون اللبنانية، وهو المشروع المموّل من السفارة ضمن برنامج «روس 3».

الثالثة ثابتة؟

إنها إذاً المرة الثالثة في غضون أربع سنوات التي يخرج فيها سجناء سجن صور السبعون من زنازينهم بداعي تحسينها. المرة الأولى كانت عام 2005، وقد تمت عملية التحسين على يد جمعية «فرح العطاء» التي عملت بالتنسيق مع وزارة الداخلية، لتأتي وزارة الأشغال العامة بعد شهرين فقط وتزيل ما نُفذ في إطار مشروع ترميم مبنى سرايا صور التاريخية الذي يقع السجن في طبقته السفلى.
قبل نحو شهرين تقدمت السفارة الإيطالية بطلب ترميم ثالث للسجن، وهو الترميم الذي يصفه العارفون بأحوال المكان بأنه «الأشمل والأدق».
مسؤول أمني في السجن كان قد أشار، قبل مدة، إلى أن أعمال التأهيل التي أنجزتها وزارة الأشغال العامة «أضرّت بالسجن الذي كانت مواصفاته أفضل بكثير قبلها، فجرى تكسير كل التحسينات التي نفذتها جمعية «فرح العطاء» وإزالتها بدءاً من الإنارة وألوان دهان الجدران وبلاط الإسفلت، وصولاً إلى تأهيل الحمامات وتغيير أنابيب المياه وتأمين المياه الساخنة وتجديد الحنفيات والمراحيض والمغاسل».
التجربة السابقة، لا سيما لناحية التنسيق بين وزارتي الأشغال والداخلية، أُخذت بعين الاعتبار، وبالاستفادة منها تعاونت إدارة سجن صور مع جمعية «انترسوس» على «إعادة تأهيل السجن بدءاً من الصفر». فطالت الأعمال الزنازين الخمس التي تبلغ مساحة أكبرها ستة أمتار وباحة السجن والمراحيض، وشملت عناصر جديدة في دورتها الثالثة، أبرزها تحسين أنظمة التهوئة والتدفئة والكهرباء والمياه الساخنة وتجديد أسرّة النوم واستحداث خزائن خاصة بكل سجين. لكن هذا لا يمنع تعزيز الوضع الأمني عبر تدعيم قضبان النوافذ والبوابات الحديدية الفاصلة بين الباحة والدرج المؤدي إلى مكاتب السرايا الحكومية في الطبقة العلوية. ومن أهم التحسينات الجديدة استخدام نوع خاص من دهان الجدران يمنع الرطوبة المعششة في المبنى الأثري الذي يعود بناؤه إلى القرن السابع عشر. اللافت، أن «أشعة الشمس» لم تدرج في لائحة التحسينات، ليس لضعف التمويل بل بسبب هندسة المبنى الذي لا يصلح لأن يكون سجناً. فأشعة الشمس التي لا تزور باحة النزهة إلا لأربع ساعات يومياً، لا يمكنها الدخول إلى الزنازين من النوافذ الصغيرة التي زادت أعمال التأهيل الأخيرة من قضبانها. أما سقف باحة السجناء فإنه يصبح «فرجة» لقاصدي الدوائر الرسمية لولا الأشرطة الحديدية التي تكسوه.

من أهم التحسينات الجديدة استخدام نوع خاص من دهان الجدران يمنع الرطوبة
رغم التحسينات التي أُجريت، ثمة ما يجمع عليه السجناء وحراسهم، فيرون أن كل التحسينات لا تغني عن ضرورة استحداث مبنى جديد لسجن صور. حتى أن أعمال التأهيل الرسمي من جانب وزارة الأشغال لم تلحظ أن الطبقة السفلية هي «سجن». كذلك فإن مشروع التأهيل الإيطالي لم يتدخل في زيادة مساحة الغرف الضيقة أو تغيير تقسيمها. والسبب في ذلك بحسب المعنيين يعود إلى أن «برامج الدعم تقتصر على مشاريع سريعة، فضلاً عن أن بناء سجن مركزي مشروع طويل الأمد يحتاج إلى خطة جدية ومتكاملة من مؤسسات الدولة».
خلال فترة الأشغال نُقل 35 سجيناً، مؤقتاً، إلى سجني جب جنين وجزين، فيما نُقل الباقون بين قسمي السجن عند إنجاز أحدهما.
بعد صور، تتجه ورش الترميم الإيطالية لتدق أسوار سجني النبطية وجزين. بالنسبة لسجن تبنين الذي أنجزت ترميمه داخلياً فرح العطاء قبل أشهر، فإن جمعية انترسوس عملت بالتعاون مع البلدية على استحداث ساتر حمائي حول السجن.


لقطة

يكشف المنسق العام لجمعية انترسوس في الجنوب سامر حيدر عن دراسة مقررة عن أوضاع السجناء وعائلاتهم وحاجاتهم الإنسانية الاقتصادية والاجتماعية في سجون النبطية وصور وجزين وتبنين. أما هدفها فهو تأهيل السجناء ودعم حوالى 250 من عائلاتهم استناداً إلى الحاجات التي ستظهرها. إلا أن حيدر يقر «بضيق مساحة السجون لتنفيذ مشاريع تأهيلية للسجناء، مثل دورات تدريب مهنية على الحرف والصناعات وتنمية المهارات وتسويق منتجاتهم». يُذكر أن الطبقة السفلية من سرايا صور التاريخية تمثّل سجناً، ويسميها البعض «معرض» للسجناء. فما يفصل «باحة النزهة» في السجن عن المواطنين المترددين إلى الطبقة العلوية من السرايا هو طبقتان من شبك حديدي يمنعان الانتقال من الباحة وإليها، لكنهما لا تحجبان عن المواطنين رؤية السجناء وقت نزهتهم.
يستخدم المواطنون للوصول إلى الطبقة العلوية سلالم تخترق الطبقة السفلية، تؤدي إلى مكاتب القائمقامية والأمن العام والجوازات دوائر أخرى.