قاسم س. قاسمكثرت الجدران التي بُنيت بهدف محاصرة الفلسطينيين، سواء أكان جدار الفصل العنصري الإسرائيلي أم ذاك الجدار الفولاذي الذي تبنيه مصر في رفح، والذي يشبه اسمه اسم الرسوم المتحركة، والذي ما زلت أشاهده: «الرجل الفولاذي».
هكذا، أصبحت موضة اليوم «يلي ما عندو جدار يلحق حالوا ويعمّر جدار»، ومصر «عم تلحق حالها» حفاظاً على «أمنها القومي» المهدد من جانب الأنفاق الغزاوية! ببساطة، قررت الحكومة المصرية أن تغرق شريان الحياة الرئيسي لغزة بجدارها الفولاذي وبماء بحر غزة. لكن برغم ذلك يبقى أهل القطاع «إخواتنا وحبايبنا»، كما قال أحد أعضاء مجلس الشعب المصري في مقابلة تلفزيونية أخيراً! أما إسرائيل الوقحة عادة، فلم تكن وقحة بما فيه الكفاية هذه المرة لتقول إننا «أخواتها وحبايبها».
هكذا، تعددت الجدران والهدف واحد. وبما أنها «موضة شغالة» قررت أن أمتلك جداراً في غرفتي، لأمارس سيادتي عليه ولأحمي أمني القومي من «ما بعرف مين»، ولأحاصر نفسي به أيضاً. ولكي أغيظ الحكومة المصرية أكثر، أريد القول إن المصالحة الفلسطينية بين فتح وحماس تمت، والورقة المصرية وقعت في غرفتي بدلاً من القاهرة. كما أنه في كل صباح يجتمع على أحد جدران غرفتي، يومياً الشهيدان ياسر عرفات وأحمد ياسين بصورتين متلاصقتين، ليستيقظا معي على صوت والدتي. كل ذلك استطعت أن أقوم به وأنا لست «أم الدنيا أو بيّها». لكن فشلي الوحيد هو عدم قدرتي على إقناع وزير الأوقاف في السلطة الفلسطينية بأن الجدار المصري «حرام، حرام، حرام».