العباسية ــ آمال خليلتفتتح العباسية بعد غد الجمعة، معملاً لمعالجة النفايات الطبية، برعاية وزير التنمية الإدارية محمد فنيش وسفير الاتحاد الأوروبي باتريك لوران، لتسبق بذلك زميلتها في اتحاد بلديات صور، عين بعال، التي لا تزال تنتظر منذ خمس سنوات إنجاز الإجراءات اللوجيستية داخل معمل فرز النفايات العضوية، وإيجاد مطمر للنفايات غير القابلة للفرز (راجع «الأخبار» 30 كانون الأول 2009).
إنجاز العباسية معملها في غضون عام واحد، بتمويل فاق 370 ألف يورو من الاتحاد الأوروبي وبإشراف من وزارة التنمية الإدارية، يأتي في إطار الشراكة بين الاتحاد والوزارة ضمن «مشروع تعزيز الحكم المحلي للبلديات»، الذي يندرج معمل عين بعال في إطاره أيضاً. لكن المشروع الذي تقدّمت البلدية بطلب الحصول على تمويل له عام 2005، أنجز سريعاً لأسباب أبرزها صغر حجم التجهيزات الآلية اللازمة، حجمه الهندسي ونسبة المستفيدين منه.
ومن المنتظر أن يمثّل المعمل حلاً لمشكلة مكب دير قانون رأس العين، حيث تختلط النفايات العضوية بالمنزلية وتجتمع معها في المحرقة المستمرة. إذ يقع ضمن عقارات البلدة ومحيطها، مستشفيان ضخمان هما حيرام وجبل عامل، إضافة إلى عدد من المستوصفات والمختبرات المتخصصة بالأنسجة على سبيل المثال، فضلاً عن عشرات الصيدليات. وقد وضعت البلدية في أولويات عملها، مشروعاً لمعالجة مشكلة النفايات الطبية، معتمدة على الاتحاد الأوروبي لإنشائه وتجهيزه، ثم على قدراتها الذاتية في تشغيله بعد الافتتاح مباشرة.
يوضح عضو بلدية العباسية المهندس محمد دربج، المكلّف بالإشراف على المشروع، أن «المراكز الصحية على اختلافها، وخصوصاً المستشفيات، لم تكن تطبق الشروط التي وقعت إداراتها عليها مع البلدية لدى إنشائها والتي تنصّ على استحداث كلّ منها مركزاً لمعالجة نفاياتها». تقاعس المستشفيات عن تنفيذ تعهداتها، دفع البلدية إلى «خوض المغامرة وتحمّل معارضة الكثيرين للخطوة خشية من آثارها البيئية المستقبلية». ويؤكد دربج أن البلدية بالتعاون مع الوزارة «اطلعت على المشاريع المماثلة في مناطق أخرى، منها المعمل الخاص بمستشفى رياق، وخضع موظفوها لدورات تدريب وتثقيف عدة عن المشروع». ثم استعانت البلدية بخبراء متخصصين لدراسة الأثر البيئي للمعمل «الذي استوفى الشروط المطلوبة، ما جعل المموّل يوافق عليها».
وعن كيفية عمل المعمل، يقول دربج إن «شاحنات مبردة خاصة، مكلّفة من البلدية، ستتولى يومياً نقل النفايات من مصدرها في العباسية ومحيطها، إلى المعمل، حيث توضع في ماكينة تقطيع قبل أن ترطّب وتسخّن في مولّدات ميكرويف خاصة وتُحلّل جزيئاتها بواسطة الإشعاع الحراري. بعد ذلك، تدخل النفايات أوتوماتيكياً في مرحلة البخار المضغوط والتعقيم لتخفيف نسبة انبعاث الغازات الملوثة. في النهاية تجمع النفايات المعالجة وتنقل إلى مكب دير قانون رأس العين أو إلى معمل عين بعال عند افتتاحه، لاستكمال معالجتها بعد أن تكون قد حوّلت إلى نفايات عادية ومنزلية. أما مادة الزئبق غير القابلة للمعالجة، والتي ستنتج من النفايات فستطمر في مستوعبات خاصة شديدة الإحكام بالقرب من المعمل حيث ستخضع للرقابة من خبراء متخصصين». بالنسبة إلى الفريق الذي سيتولى تشغيل المعمل، فإن الوزارة «ستساعد البلدية في تكليف مؤسسة متخصصة لتشغيله في عامه الأول وتدريب فريق من البلدية لتولي تشغيله في مرحلة لاحقة»، بحسب دربج.
ولأن الفرز والتوضيب من المصدر يُعدّ معياراً لنجاح التجربة، أبلغت بلدية العباسية المستشفيات والمراكز الصحية أنها ستتخذ إجراءات حازمة في حال عدم تعاونها، لناحية فرز النفايات الطبية في مستوعبات وأكياس خاصة ستوزع عليها، وتوضيبها وتعقيمها وفق الشروط المعتمدة. ولإنجاز مهمة التوعية والإرشاد، بدأت البلدية بالتعاون مع جمعيات عدة أبرزها «أركنسيال» بجولات على المراكز الصحية للتعريف بعمل المركز وتدريب موظفيها على جمع النفايات وفرزها.