جبيل ــ جوانا عازار«إعادة ربط مدينة جبيل التي شطرها أوتوستراد السبعينيات إلى نصفين». هذا ما يسعى إليه مشروع «مسطّح الأبجديّة» لإعادة اللحمة بين المدينة وأحيائها وقاطنيها. الدراسات الهندسية للمشروع باتت شبه جاهزة، كما يقول د. جوزف الشامي، رئيس بلديّة جبيل، «وما ننتظره مرسوم صادر عن مجلس الوزراء تضع من خلاله الدولة اللبنانيّة الأرض التي سيبنى عليها المشروع بتصرّف البلديّة، ليصار إلى استكمال الدراسات المناسبة والبحث عن مصادر التمويل لتنفيذه».
يمتد المسطح المزمع إنشاؤه على مساحة 25 ألف متر مربّع عند المحوّل الأساسي للمدينة. ويتألف، بحسب الشامي، من ثلاث طبقات سفليّة، تقع الطبقة الأولى عند مستوى الأوتوستراد وتضم محطّة ركّاب للباصات وسيّارات الأجرة، بينما تضم الطبقتان الثانية والثالثة مواقف السيّارات تتّسع لنحو 600 سيّارة. كما سيخصص سطح المشروع للمساحات الخضراء التي يمكن اجتيازها سيراً على الأقدام.
أما المشروع فيهدف إلى إنشاء ثلاثة أبنية ذات طابع ثقافيّ اجتماعيّ واقتصاديّ. وسيكون المبنى الأول في المسطّح عبارة عن قصر مؤتمرات تنظّم فيه المحاضرات والمعارض والاحتفالات الفنيّة والثقافيّة. وسيرفق بفندق مجهّز لاستقبال السياح والمشاركين في المؤتمرات المحليّة والدوليّة. ومن شأن ذلك استقطاب عدد كبير من الزوّار وتأمين فرص عمل لأبناء المنطقة.
وكي لا يتعرف العالم إلى «مدينة الحرف» في الكتب فحسب، سيشمل المشروع، كما يقول الشامي، متحفاً لجبيل وفيه ستجمع الآثارات المبعثرة بين لبنان وخارجه التي ترمز إلى الحقبات التاريخيّة المتتالية، فيما يقبع قسم كبير منها في الأقبية تحت قلعة جبيل. في المتحف سيتعرف الزائر إلى الأبجديّة التي انطلقت من المدينة. أما المبنى الثالث فسيخصص لإنشاء قصر بلديّ. وسيطعّم المكان بعدد من المقاهي والمطاعم داخل الحدائق المحيطة.
ويتوقع الشامي أن يسهم المتحف في جعل جبيل المقصد السياحي الأكبر في الشرق وعلى حوض البحر الأبيض المتوسّط. ويستند في ذلك إلى ما حصل في مدينة بلباو في إسبانيا التي كانت مدينة لصيادي الأسماك وقد أصبحت اليوم بفضل متحف «غوغنهام» مقصداً لعشرة ملايين سائح سنويّاً. كما يلفت إلى أنّ «دولاً مثل الإمارات العربيّة المتّحدة وقطر تنشئ المتاحف فيها وتستقدم الآثارات إليها من متاحف خارجيّة، فيما جبيل تغيب عنها المتاحف مع أنّها المدينة الأقدم في العالم وتضم آثارات ثمينة غير معروضة». ومع ذلك، فالمدينة استقطبت، كما يقول، 5 آلاف زائر في الأيّام العاديّة خلال الصيف الماضي، و10 آلاف زائر في فترة المهرجانات. ولا يغفل رئيس البلدية الفائدة الاقتصاديّة والماديّة من المشروع، وخصوصاً أنّ نتائجه غير محصورة بالحاضر بل تتعدّاه إلى سنوات مقبلة.
أما بالنسبة إلى القيمة المتوقّعة لتنفيذ المشروع فتبلغ نحو 30 مليون دولار، مع العلم أنّ كلفة المرحلة الأولى التي تشمل البنى التحتيّة والمجمّع الإسمنتي للوصول إلى وجه الأرض، فستبلغ نحو 12 مليون دولار، أي ما يوازي 500 دولار للمتر المربّع وهو ربع السعر الحالي للأرض في هذا الموقع.