راجانا حميةبدا المشهد، أمس، أمام السفارة المصريّة مضحكاً بعض الشيء. عسكر على مدّ «العين والنظر» يزنّرون السفارة، مدجّجين بالأسلحة والهراوات والدروع ومجموعة من المصورين الصحافيين. يخيّل للواقف أمام هذا المدّ الهائل من العسكر أن ما تنظّمه مؤسسة «شاهد» لحقوق الإنسان احتجاجاً على الجدار الفولاذي الذي تنوي مصر إقامته على الحدود مع قطاع غزّة، ليس اعتصاماً سلمياً، وإنما هو مخطط للهجوم على السفارة. لم يكن ينقص في حينها، لتأكيد الشعور، سوى حضور «المجاهدين». تمر الدقائق ثقيلة أمام السفارة، فقد حان الوقت، ولم يصل أي من المعتصمين. ينشغل الموجودون بتركيب مجسم الجدار الذي يحمل عبارة «لا لجدار الحقد». يمرّ وقت إضافي ولا أحد يصل. يدبّ اليأس في نفوس القلائل الحاضرين من المخيمات البيروتية، فيعمد منسّق العلاقات العامة في «شاهد» محمد الشولي إلى طمأنتهم بأنه «بين الدقيقة وإختها بيوصلوا، بس في حادث على السعديات أخّر وصولهم». تمرّ دقائق أخرى، يأتي الخبر: قتل شخصان في الحادث والحافلات في طريقها إلينا. تصل الحافلات، يترجّل المعتصمون. يتهيّأ العسكر جيّداً، ها قد وصل «المجاهدون»: بضع نساء وأطفال وشباب بالأصفاد وعجوز على كرسيٍ متحرّك، وبين يديه المصفرّتين قارورة أوكسيجين. وقفوا أمام الجدار المنصوب بعيداً عشرات الأمتار عن السفارة، وخلفهم وقف عدد كبير من الرجال الذين كان جلّ ما يفعلونه ترديد بعض عبارات الاحتجاج على ما تقوم به جمهورية مصر العربية. لم يحضروا ليهاجموا. كل ما في الأمر أنهم هنا لإيصال الصوت إلى القنصل المصري وتقديم مذكرة احتجاج له، ولو كان بعيداً عنهم كل هذا البعد. أطلقوا خلال ذلك رديّاتهم المكررة في كل مناسبة لغزة، مع بعض التعديلات لتناسب الحدث الجديد. لكنها، رغم ذلك، تحمل عتباً كبيراً والكثير من «يا للعار». وبين الردية والأخرى، يقف أحد الملتحين و«يكبّر». هكذا، تمضي الدقائق الأولى من الاعتصام، ينهيها الشولي بتلاوة المذكّرة التي رأت أن «ما تقوم به مصر انتهاك لحقوق الإنسان». وطالب الشولي باسم المنظمات الحقوقية الفلسطينية مصر بـ«ألا تكون شريكة في الحصار الذي تفرضه إسرائيل، وفتح معبر رفح وتسهيل مرور قوافل الإغاثة إلى القطاع».