strong> أحمد محسنأعاد الكاتب والأستاذ الجامعي فواز طرابلسي ذاكرة الشباب، أمس، إلى حقبة لم يعيشوها. حاضر في مقهى تاء مربوطة بدعوة من «المقهى الاجتماعي» في الجامعة الأميركية في بيروت. كان معظم الحاضرين من الشباب، الذين لم يكونوا قد ولدوا بعد حين بدأ الحديث عن ظهور إشكالية طبقات اجتماعية في لبنان، لكنّ سرد طرابلسي المفصّل، استحوذ على اهتمام الحاضرين، فصاروا كأنهم داخل التسلسل التاريخي لواقع تلك الطبقات.
خلال تقسيمه هذا التاريخ، لفت طرابلسي إلى أن لبنان كان قبل ستينيات القرن الماضي محكوماً من العائلات القديمة، وملّاك الأراضي، إضافة إلى مجموعات أخرى. كانت هناك أقلية تهيمن على أكثرية. إذاً، كانت هناك طبقات قبل الحرب، لكن في السبعينيات، بعد الانفجار، تقلّصت الهوة بين الطبقات. ذهب طرابلسي إلى محاولة شرح هذا الافتراض، مذكّراً من الناحية الأكاديمية بأن آخر كتاب عن الطبقات الاجتماعية كان قد صدر قبل الحرب الأهلية.
رأى مؤلف تاريخ لبنان الحديث، أن التركيبة الاجتماعية هنا تسمح بتداخل السياسة والاقتصاد. اللبنانيون، حتى الشباب منهم، يناقشون السياسة. ويجبر هذا المزج، في رأي طرابلسي، على الاعتراف بأن اللبنانيين يعودون إلى الانتماء الطائفي. فإذا عُرفت طائفة شخص، يمكن غالباً تكوين صورة نمطية عن سلوكه. هكذا، يمكن أن تكون الهوية الثقافية للفرد اللبناني انعكاساً لهويته الاجتماعية، أو تعطي انطباعاً عن الأخيرة على الأقل في نظر كثيرين. ويزيد عدم وجود الدولة في قوة الطائفة، التي ما انفك الجميع يطالبون بها. والشباب طبعاً من أبرز ضحايا هذا الواقع.
اللافت أيضاً أن طرابلسي قال للطلاب الحاضرين إنه لا أحزاب أيضاً. المجتمع محكوم من بعض الزعامات الفردية التي لا يمكن أن تكون أحزاباً، قبل أن يطلق مفاجأة أخرى، بدا وقعها ثقيلاً في عيون بعض الحاضرين. «السياسيون ليسوا بالضرورة الأغنياء. هذا ما يظنه المواطن، لكنه ليس صحيحاً». هناك مجموعة مصرفيين يسيطرون على فرص العمل، ويثقلون أحلام الشباب، إضافة إلى التقسيم الطائفي الموتور. تثبت الدراسات التي عرضها طرابلسي أن 20 مليون دولار تتحول سنوياً من حسابات الفقراء إلى الأغنياء بسبب هذا النظام الضرائبي. كل لبناني مدين لأحد المصارف المحلية بمبلغ 19500 دولار.