محمد محسنكطفل يفرغ موهبته في السماء، رسمتك بأصابعي الصغيرة. دمية، تنسج يديها في حضني. لا مساحة تُضحك البرد الذي يسهر معنا. أنا ليل طويل، جدلت أمطاره شعرك البنّي. لا تقصّيه. كأنه كذبة تحمينا من لدغة المسافات البعيدة. أختبئ في رائحته، وأعود إلى طفولتي، نلعب «الغمّيضة»، تبحثين عني في خصلاته. أسترق واحدةً منها، أشمّها بشغف، وأغفو. في يدي، حيث تعبث يداك، يولد ضوء جميل، بطعم الفرح.
قبلكِ، كنت رجلاً يستعير أنفاسه من أعصاب الشارع. عواصم أوروبا القديمة، لا تحتمل أسماءنا في جواز سفري الجديد. لا يهمّني بحث «ناسا» عن أسباب للحياة على سطح القمر. أصلاً، أنت أجمل رحلة، والكوكب الوحيد، حيث أسترق لحظات لا تشبع نهم عيوني. تدحرجين قلبي بين يديك، كما يلعب الأطفال الفقراء بكرة من ورق الصحف. ينام على وسادتك الشبيهة بعروق الصعتر. يستغيث بخدّك من العتمة. في ضحكتك، لحن غيتار إسباني، تعزفه دقّات هادئة تطفو على قلوب الجائعين. قربي صحن فاكهة من كل الفصول، ووجع من لحظة لقائنا الأول. متشابهان. من قال إن وجعنا لا يشبه العنب؟ عالٍ ومرّ قبل قطافه في الصيف. وحين تستوطن قبلات وجه الشمس على خدّه، يكبر، يحلو، يشبع دفئاً. يعرف عيد الميلاد أنّك شجرة عتيقة، بعمر الأوكسيجين. ويعرف أيضاً، أنك هواء يلتصق برئتي، كما تغفو أسطر الحبر على أوراق الكتب.
تتسع الورقة لكلمات كثيرة. سأعيرك عينيّ لتنظري إلى نفسك. عيناي تجيدان ترتيل الأحرف. حينها، ستدركين أني مجنون، لا يغريني النظر نحو غيرك، إلا في تلك المرة. هل تذكرين كيف كنت وقحاً؟ وكيف كنت مؤلمة؟
أسمع أصابعك تكتب رسائلك الصباحيّة التي توقظني. أستمتع بالصحو. أفتح عينيّ قبل وصول الرسالة تقريباً. أصغي لجفوني وهي تشمّ هواء اسمك. وحدي أعرفه، بموسيقاه، وخروجه عن العادي. لا يحق لأحد مشاركتي حتى في حروفه الستّة، هل هذا واضح؟ أنا أناني، طمّاع، نعم، لا مشكلة عندي.