المنية ـ عبد الكافي الصمدلم تمرّ سوى بضع دقائق على انقطاع التيار الكهربائي عن منطقة المنية عند الساعة السادسة من مساء أول من أمس، حتى تجمّع عشرات الشبان في نقاط متعددة على أوتوستراد المنية الدولي، وقطعوا الطريق لأكثر من 4 ساعات بإطارات السيارات المشتعلة ومستوعبات النفايات والحجارة، ما أدى إلى ازدحام سير خانق.
بدأ تقنين التيار الكهربائي الثلاثاء الماضي، تنفيذاً للاتفاق الذي تمّ بين وزير الطاقة والمياه، جبران باسيل، وفاعليات المنية السياسية ورؤساء البلديات، خلال اللقاء الذي جمعهم مطلع الشهر الجاري، لكن عودة الاحتجاجات مساء أول من أمس، طرحت تساؤلات عما إذا كان أحد الأطراف قد أخلّ بتعهده، أو أن شرائح اجتماعية في المنية لم يرقها الأمر، فتجاوزت قياداتها.
التقنين، الذي طال منطقة المنية في الأيام الثلاثة الأخيرة، تم في ساعات النهار، فلم يستنفر أي احتجاج. غير أن انقطاع التيار مساءً كانت له تداعيات مختلفة، فقد دفع بعض المجموعات إلى التحرك احتجاجاً، مطالبين بعودة التيار إلى ما كان عليه، أو عدم قطعه في الليل!
بدأ تنفيذ الاحتجاج قرب مقر بلدية دير عمار، ثم امتدّ نحو مستديرة أوتوستراد المنية الدولي، وصولاً إلى محلة المخاضة عند مدخل المنية، حيث كان التجمع الأكبر للمحتجين الذين قطعوا الطريق في الاتجاهين، إضافة إلى قطعه قرب محطة النعني للوقود وعند مدخل بلدة بحنين، قبل أن يتمدد باتجاه الطريق الساحلية القديمة التي قطعها المحتجون في 3 نقاط.
لم تفلح الاتصالات التي أجريت لإعادة فتح الأوتوستراد أمام المارّة بسبب تعنّت المحتجّين، بعدما امتدت أرتال السيارات القادمة من عكار وسوريا كيلومترات عدة، لا بل إن عناصر قوى الأمن الداخلي، الذين استقدموا، عادوا أدراجهم خشية اصطدامهم مع المحتجين، وهو الأمر ذاته الذي اتبعه الجيش اللبناني الذي ضرب طوقاً كبيراً ومشدداً حول المعمل، ومنع المحتجين من الاقتراب منه.
وقد أبدى رئيس بلدية دير عمار أحمد عيد أسفه للتعبير عن رفض التقنين «بأشكال غير لائقة وغير حضارية وغير مقبولة»، ولفت شهود عيان إلى أن سيارات تعرضت للاعتداء على أيدي المحتجين.
ومع أن اجتماعات عدة متلاحقة عقدت في وقت متأخر من مساء أول من أمس وقبل ظهر أمس لاحتواء الموقف، من بينها الاجتماع الذي عقد في قاعة جامع الصديق، وحضره مسؤول استخبارات الجيش اللبناني في الشمال العقيد عامر الحسن، إلى جانب فاعليات المنطقة السياسية والدينية، إلا أن الاحتجاجات تجددت بعد ظهر أمس بالتزامن مع انقطاع التيار عند الساعة الثانية من بعد الظهر، فقطع المحتجون الأوتوستراد الدولي لساعات في نقاط عدة، ابتداءً من بلدة البداوي هذه المرة، وصولاً إلى مستديرة العبدة، ما أدى إلى ازدحام خانق للسير، ووقوع إشكالات بين محتجين وسائقين حاولوا اجتياز العوائق بلا جدوى.
وكان قد سبق التحركات الاحتجاجية في المنية توزيع بيانات بتواقيع مختلفة، فقد طالب أحد البيانات الموقّع باسم أهالي المنطقة «بعدم تقنين الكهرباء في منطقتنا»، وبتحميل المسؤولين في شركة كهرباء لبنان «مسؤولية أي إشكال أو عارض يتعرض له مديرو وموظفو الشركة»؛ بينما رأى بيان آخر أن «المرجعيات التي التقت الوزير باسيل... باعونا بكلمة أو بوعد أو بمطالب ليست محقّة».
اللافت في البيان أن موقّعيه أكدوا أنهم «مع التقنين 4 ساعات يومياً، شرط عدم دفع أي فاتورة كهرباء، وإلا اقتلعوا هذه الشركة من منطقتنا ولا نرضى بغير ذلك، إذ كفانا مرضها وتلوثها وعبئها علينا».