يقترب المساء فتخلو طرق البرامية من أبنائها. ساحة الكنيسة لا أولاد فيها، والمقهى لا يتجاوز عدد الجالسين فيه أصابع اليد الواحدة. هنا يدور حديث عن الانتخابات البلدية، حيث «التنافس محتدم بيننا نحن المرشحين»، تقول تامي قزحيا الطامحة إلى منصب رئيس بلدية
نرمين الحر
لم تغسل زوجة عبد الحميد شهاب الدين ثياب الأولاد بعد، ولم يتمكن هو من حلاقة ذقنه. السبب ليس انقطاع الكهرباء المعتاد، بل لأن شهاب الدين قرّر وقف اشتراكه بمولّد الكهرباء في القرية اعتراضاً على ما يصفه بـ«احتكار علي أديب للموتور الذي يعطي الكهرباء 4 ساعات بدلاً من 6». لذلك يطالب هذا الرجل الخمسيني «بمولّد كهرباء تأتي به البلدية يكون أرخص كلفة للسكان».
تسجّل تامي قزحيا هذا الاقتراح لتضيفه إلى «برنامجها الانتخابي» الذي تنوي تحقيق بنوده إذا وصلت إلى منصب رئيس البلدية في قريتها البرامية. ابنة الـ28 عاماً تقوم بجولة انتخابية أسبوعية على قريتها، تحضيراً لمعركة الانتخابات المقبلة، وهي وصلت إلى خلاصة عامة للعمل تقوم على التوجه إلى فئتين: «كبار السن والشباب». فقد لاحظت أن انتماء الشباب للبرامية يخفّ تدريجياً، ويعلّل العشريني روني يونس ذلك بالقول إن «الكثير منا يعمل خارج الضيعة فنبني روابط اجتماعية هناك ولا نعود للبرامية إلا لننام، وهناك شبان أصلهم من البرامية لكنهم يقيمون في المدن، هؤلاء لا تعني لهم الضيعة شيئاً، لماذا سيأتون؟».
قزحيا ستحاول استقطاب الفئة الشابة. تعتقد أن «إنشاء لجان شبابية محلية، يسمح بها قانون البلديات، هو خير طريقة لدمج الشباب في المجتمع المحلي. وأنا أتكل على تعاون الشبيبة لنبني نادياً ثقافياً ورياضياً ومكتبة عامة ونوصل الإنترنت إلى الضيعة».
أما بالنسبة لكبار السن، فقد «تبيّن لي أن لديهم حاجات وأولويات يفترض أن تحسّن عيشهم، كتلبية مطلب شهاب الدين»، مضيفة الحاجة إلى إصلاح مجارير ومستوصف، كما إلى مصادر رزق مستحدثة. بهذا الخصوص، تنوي استثمار منتجات البرامية المحلية لتمثّل مصدر رزق إضافي للأهالي «هذا إن انتُخبت، فأنا أنثى وشابة، ولا أوافق على أن تدعمني جهة مالية أو سياسية» تقول.
هنا ندخل في الأسباب التي دفعت حاملة الإجازتين (العلوم السياسية والعلاقات الدولية من جامعة الحكمة، والعلوم الاجتماعية من الجامعة اللبنانية) إلى الترشح. فتعيد السبب إلى أمرين. أولاً، «الرغبة في مواجهة خيار العائلة، أو حتى الوجهاء الذي يسمّون المرشحين من الذكور غالباً، ومن دون استشارة العائلة أحياناً. نحن كعائلة يمثلنا إميل قزحيا من دون استشارتنا، وإذا لم يتخلوا عن هذه الآلية ويتقبلوا ترشيحي، أفكر جدياً بتأليف لائحة من الشباب أرأسها أنا». أما السبب الثاني، فهو حماستها لتولي المهمات المنوطة بالرئيس وتحقيق أفكارها. لكن الترشح لا يعني النجاح، ودونه صعوبات تدركها، لذلك تتمنى لو تقرّ الإصلاحات الانتخابية المرتقبة على القانون الانتخابي «وخصوصاً انتخاب رئيس البلدية مباشرة من الشعب، واشتراط حمله الإجازة الجامعية». برأيها هذا الأمر قد يعزّز من فرص فوزها، هي المحبوبة من أهالي قريتها... حبّ قد لا يستمر طويلاً إذا قرّرت تامي مثلاً الارتباط برجل من خارج البرامية. ماذا سيحصل عندها؟ سؤال بدأ يُطرح عليها فهل تتعهد بعدم الزواج؟