صور ــ آمال خليلتكشف رحلة البحث عن السيدات السبع، العضوات في ستة مجالس بلدية في صور، مشاكل وصول المرأة إلى هذا المنصب عندما لا يكون الأمر مرتبطاً بقرارهنّ الشخصي. فقد جاء انتخاب غالبيتهن امتداداً لانتماءاتهن العائلية أو الحزبية، لا بناءً لتجاربهن الشخصية، فلم تثبت تجربة معظمهن، لاحقاً، قدراتهن على ممارسة الدور الذي أنيط بهن. هذه بعض المعلومات:
في صور، أحبّ طباخو اللوائح إشراك النساء فاختاروا سندريلا عيسى. فازت الشابة بفوز اللائحة التي اكتسحت المجلس البلدي، لكنها طارت إلى الولايات المتحدة الأميركية بعد جلسته الأولى. عيسى كانت تتحضر للإقامة في أميركا مع زوجها، بالتزامن مع جولاتها الانتخابية، فلم تحظ المدينة بتقييم تجربتها!
في باريش، يمثّل البحث عن مهى الصالح مهمة صعبة. نستوقف صبيتين على الدرب، فتقولان إنهما لا تعرفانها على الرغم من أنها تنتمي إلى العائلة نفسها. ولما كان رئيس البلدية ومعظم أعضائها، غير مقيمين في البلدة، نستنجد بالمختار لنكتشف أن مهى تقيم مع عائلتها في بيروت منذ صغرها ولا تتردد إلى البلدة إلا نادراً. المفارقة أن الصبيتين «تذكرتا» لاحقاً أنهما انتخبتا مهى من دون سابق معرفة «لأن عائلات البلدة وأحزابها أدرجوها في اللائحة التوافقية»!
في دير قانون النهر نهتدي سريعاً إلى مكان زينب دياب: الضاحية الجنوبية. تُعرَف «الحاجة زينب» بأنها ابنة أحد بيوت حزب الله، وناشطة ضمن هيئاته النسائية الاجتماعية في البلدة، ما فرض اختيارها، وقد استمرّ نشاطها خلال عامين من عمر البلدية قبل أن تنتقل للعيش خارج البلدة بسبب زواجها. زميلتها في البلدية، حوراء عز الدين كانت لها أسباب أخرى لـ«التقصير تجاه البلدية» كما تقول. هناك تغيّبها عن البلدة طوال النهار بسبب عملها في مستشفى ميس الجبل الحكومي، العناية بطفلتها ومسؤوليات تدبير منزلها، كما «تقرّ» بأسباب أخرى مثل عدم رضاها عن أداء المجلس البلدي ونظرة الناس للعمل البلدي «المعمول للرجال فقط. فالجلسات إذا ما عُقدت، تكون في ساعة متأخرة. أما القرارات فيتفرّد بها الرئيس والمقرّبون منه». أما في العباسية، واستناداً إلى كلام الناس، فقد ضربت هنادي فواز بعضويتها في البلدية عرض الحائط بعدما ضاقت ذرعاً بممارسات المسيطرين عليها، وفضّلت الانصراف لعملها.
الخمسة وعشرون كيلومتراً التي تفصل بين مدينة صور وبلدة شمع الحدودية، ليست السبب الوحيد الذي يقلّل من حركة انتقال لينا صفي الدين من محلّ إقامتها إلى بلدتها التي اقترع لها فيها 259 شخصاً من أصل 400 مشارك. لينا لا يشغلها عن البلدية زوج ولا أولاد ولا وظيفة «لكن البلدة التي لا يقيم فيها سوى عضوين من بلديتها من أصل 7، تفرغ من سكانها في الشتاء حيث تنعدم الحركة». بحكم دراستها علوم الآثار، اهتمت لينا في العامين الأوّلين بتأهيل قلعة شمع التي دمرها العدوان الإسرائيلي قبل أن تتكفل المديرية العامة للآثار والإيطاليون بالاهتمام بوضعها. وحدها تجربة عضوة بلدية برج رحال، فاطمة عز الدين، تبدو مختلفة. تعترف هذه السيدة بأن انتماءها إلى حركة أمل مثّل دافعاً قوياً لترشيحها، لكنها تضع نشاطها الاجتماعي الطويل بين أيادي الناس لتقييم أدائها. فالمشاريع والخدمات التي ساهمت في إنجازها للبلدة قبل البلدية تفوق ما قدّمته بعدها. تعدّد دورات محو الأمية، اللغات، الكمبيوتر، التصنيع الغذائي، الخياطة، ترشيد استهلاك المياه، تأسيس ناد رياضي نسائي ومركز رعاية للأطفال... كلّها مشاريع استمرّت عز الدين في ممارستها كعضو في اللجنة الاجتماعية والشبابية في البلدية وكمسؤولة في التنظيم النسائي في الحركة. لذلك، هي لا تستبعد تكرار التجربة البلدية، وتبدي امتعاضها من «خلل يشوب قانون البلديات حيث يغيب العمل الجماعي وتعطى للرئيس صلاحيات مطلقة، فضلاً عن محدودية الأموال التي تصرف لها». كما تسجل عز الدين أسفها على التجربة النسائية في البلديات «التي لم تثبت نفسها بعد لأسباب تتحمل النساء مسؤوليتها الكبرى».