أحمد محسنمنذ بضعة أعوام، تجمع بعض طلاب «اللبنانية» وأعلنوا أنهم مستقلون. ذاع صيتهم هناك، لكن سرعان ما اختفى كل شيء. كانوا على قلتهم أشبه بظاهرة حاولت سحب أصوات أصحابها من سطوة الحزب الطائفي على العمل الطالبي اليومي. فشلوا فشلاً يستحق التنويه. واليوم، يعمل أحدهم مديراً للمبيعات في السعودية، وآخر في فندق خمس نجوم في دبي. إحدى المتحمّسات حينها، عادت إلى أحد الأحزاب الدينية. كان اسمهم «طلاب ضد الصمت»، أُخرست أصواتهم جميعاً. لم يكن بيتهم قوياً بما يكفي لمواجهة العاصفة المستمرة. العاصفة هي السياسة طبعاً، وتالياً، هي الطائفة، أو الوسيلة التي تُمسك بها الأحزاب الراعية طلابها من آذانهم.
لا جديد منذ ثلاثين عاماً. غداً سينزل «اليمينان» للاعتصام كلّ في «فرعه»، للمطالبة بعودة الانتخابات الطالبية، التي تبدلت هويتها تبدلاً قاتلاً. شكلياً، الاعتصام لمصلحة الطلاب. أما في المضمون، فستبقى الكليات في عهدة الأحزاب، التي لم تتطور منذ ثلاثين عاماً. هكذا، تحولت الجامعة إلى سلة تُرمى فيها المشاحنات السياسية، بعد مرورها بمصفاة التوافق الفارغ. بلغت العلاقة بين الطلاب والأحزاب درجة الأبوّة، والطلاب محكومون بتقليدية منظمة: أطع أباك ظالماً أو مظلوماً.
إذا كان السكوت علامة الرضى، فالطلاب مذنبون. لكن الأب ليس بريئاً من دمهم. ثمة من يريد أن يبقى صوت الطلاب خافتاً، لا يعلو فوق صوت «المعمعة».