راجانا حميةفي عام 1968، بنت شركة «المقاولون العرب» بمساعدة السوفيات، أصدقاء الزعيم جمال عبد الناصر، السدّ العالي. بعد أربعة عقود، هل نصدّق ما يقال عن أن الشركة نفسها تبني سدّها الثاني.. «الواطي» هذه المرة على الحدود مع قطاع غزّة، كما قال أمس مطلقو حملة «وقف جدار العار» في مؤتمرهم الصحافي في الحمرا؟ المفارقة، إن صحّت، مؤلمة جدّاً، فالجدار «الشقيق» سيمزّق ما بقي من أنفاق الحياة في قطاعٍ مسدودة حتى أبواب السماء فيه، بطائرات الجيش الإسرائيليّ.
لكن، رغم بشاعة هذه المفارقة، فإنّ ثمّة ما يجعلها مفارقة مفيدة في نظر مجموعة الناشطين في الحملة. فهم انطلقوا منها لتكون نواة حملتهم الجديدة ضد الجدار، الذي بدأ يرتفع على الحدود مع القطاع المختنق.
أمس، في مقهى «ة مربوطة»، انضمت الحملة الجديدة إلى قافلة الحملات الأخرى التي تُناضل لحماية ما بقي من حياة في غزة. ولئن كانت تتشارك مع الأخريات في إقامة التظاهرات والاعتصامات المناهضة لإقامة الجدار، إلّا أنها تضيف إلى كل هذا هدفاً محدّداً هو «التحقّق من موضوع ضلوع شركة المقاولين العرب في بناء الجدار، إضافةً إلى الضغط عليها إمّا لوقف مشاركتها فيه، أو المطالبة بمقاطعتها اقتصادياً». وهو الهدف الذي حدّدته الناشطة في الحملة عبير سقسق.
القنصل المصري طالب بعدم إدخال الشركة في المعمعة
بدأت الحملة خطوتها الأولى في هذا الإطار، إذ أرسلت في الثامن من الجاري كتاباً خطياً إلى الشركة المذكورة. وقد ضمنت الكتاب «معلومات أشار إليها موقع الجزيرة نت الإلكتروني، عن قيام آليات ضخمة من شركة عثمان أحمد عثمان (مؤسس الشركة) بالتعاون مع خبراء فرنسيّين وأميركيين بتنقيب الأرض على الحدود مع غزة من أجل بناء الجدار». وفي الكتاب أيضاً، طالب الناشطون الشركة «بالرد في مهلة أقصاها 15 الجاري، نفياً أو تأكيداً».
بعد أربعة أيام على إرسال الكتاب، جاء الرد من السفارة المصرية في لبنان «التي فوّضتها الشركة الرد الرسمي»، كما تشير إحدى الناشطات رانيا المصري. ففي اتصال هاتفي أجراه معها القنصل المصري أحمد حلمي أفاد بأن «القرار قرار يخص مصر والحكومة المصرية فقط»، مطالباً «بالاكتفاء بالتظاهرات أمام السفارة، من دون إدخال الشركة في المعمعة». عند هذا الحد، رأى النشطاء أنه «طالما لم نتسلّم نفياً أو تأكيداً من الشركة، فنحن نعدّ هذا الكلام تأكيداً على أنه لها يد في بناء الجدار». من هنا، أعلن الناشطون بداية النشاطات «التي لم تتبلور إلى الآن، بانتظار الاستحصال على المزيد من المعلومات، على أن تكون الخطوة الأكيدة الآن هي إقامة تظاهرة أمام مركز الشركة في صيدا».
وبعيداً عن النشاطات المرتقبة، أورد الناشطون في بيانهم تقريراً أعدته «المنظمة العربية لحقوق الإنسان». يتضمن تفاصيل عن مواصفات الجدار «الذي يبلغ طوله 10 كيلومترات وسيُغرس على عمق 20 إلى 30 متراً في الأرض، كما يتكوّن من صفائح فولاذية، طول الواحدة منها 18 متراً، وسُمكها 50 سنتمتراً». وأكثر من ذلك، «فالجدار مزوّد أيضاً بأنبوب ضخم لضخ المياه بما يجعل الأرض رخوة، ويقضي على الأنفاق الموجودة، ويحول دون إمكان حفر أنفاق جديدة».