عرسال ـــ عفيف ديابحذّرت «عصبة التغيير في بلاد الشام» الحاج «ريغن» من عرسال، من غضبها إذا استمر في بيع المشروبات الروحية في بلدته. التحذير أقلق الأجهزة الأمنية منذ قرابة شهرين، فنشطت باحثة عن «خيط» يوصلها إلى هذه «العصبة» الجديدة والمجهولة، وأقلق أيضاً عرسال التي لم تستوعب بعد أعمال الحرق والتخريب في البلدة والبيانات التهديدية بحق محمود الحجيري (47 عاماً)، الذي يلقبه الناس هنا باسم «الحاج ريغن»، والذي حوّل محله الصغير في ساحة «أبو زيدان» إلى مكتبة تضم ألفي كتاب، أصبحت مصدراً مهماً للطلاب للجامعيين الذين كانوا يجدون في مكتبته مرجعاً مهماً لأبحاثهم ودراساتهم الجامعية. «ريغن» المعوَّق جسدياً، وجد في بيع المشروبات الروحية داخل محله الصغير «بحصة» ترفد عيشه اليومي ببعض النقود، بعدما راكمت «المكتبة المجانية» ديوناً تُرهقه. فمن أرباح بيع «البيرة والويسكي والعرق» كان يشتري بعض الكتب شهرياً لتطوير مكتبته التي أُحرقت بسبب «علبة بيرة» يقول محمود.
حال «الحاج ريغن» هذا، لم يعجب مجموعة مجهولة تُطلق على نفسها «عصبة التغيير في بلاد الشام». ويضيف: «لا أدري لماذا انزعجوا من بيعي للمشروبات الروحية، رغم وجود أكثر من محل تجاري في عرسال يبيع هذه المشروبات، وأكثر من ذلك. ربما كان وجود أكثر من ألفي كتاب قد أزعجهم، فأقدموا على إحراق محلي وتوزيع بيان بقتلي وتطبيق ما وصفوه بأنه «المادة الـ19 من الدستور القرآني: اقتلوهم حيث ثقفتموهم»، طالبين مني تهيئة أكفان سوداء لألاقي بها ملائكة الجحيم، وثمني فقط هو رصاصة واحدة». ويتابع «ريغن» قلِقاً على حياته، قائلاً: «لقد تقدمت بشكوى ضد مجهول لدى مخفر عرسال بعد إحراق محلي لأول مرة بتاريخ 28 أيار 2009، حيث عددتُ الأمر مجرد حادثة عابرة. لكن بتاريخ 18/12/2009 أُحرق محلي مرة ثانية، ووُزع بيان «عصبة التغيير في بلاد الشام» ضدي، فما كان مني إلا أن تقدمت بشكوى ثانية ضد مجهولين، وأخذت الأجهزة الأمنية علماً بالبيان الصادر عن العصبة المجهولة»، مقدراً خسائر محله ومكتبته و«الأنتيكا» العرسالية القديمة التي في داخله بأكثر من خمسين ألف دولار أميركي. ويقول «ريغن» إن استهداف مكتبته ومحله التجاري الصغير «أصاب أيضاً مستوصف البلدة الخيري الذي يفصله لوح خشبي عن محلي، وللأسف جماعة عصبة التغيير في بلاد الشام لم تكترث بوجود المستوصف الخيري الذي يقدم الخدمات الطبية المجانية لأكثر من 5 آلاف عرسالي فقير».
عصبة «التغيير في بلاد الشام»، التي وزعت بيانها ضد «الحاج ريغن» أو محمود الحجيري، مطبوعاً بخط أحمر، الذي حمل الرقم 267/2009، أعطته مهلة شهر واحد (انتهت أول من أمس) ليعود إلى «الله وتترك الفحشاء والمنكر، وإذا لم تفعل تكون قد أثبتّ أنك زنديق لا تقبل النصيحة (...) قبل تطبيق المادة الـ19 من الدستور القرآني». ويقول محمود: «أنا خائف. لقد انتهت المهلة، وأصبحت حياتي في خطر. لقد أحرقوا مكتبتي ومحلي الصغير ولم يبق أمامي سوى الانتظار».


فترة وداع للدنيا!

إلى «الحاج ريغن»، هو عنوان البيان الذي يقول: «نرجو ممّن يقرأه أن يوصل له نسخة ليتمعن بها». وأضاف: «لقد شرع لك المولى عزّ وجلّ على لسان نبيه حقاً علينا وعلى الناس أجمعين، حيث قال عليه الصلاة والسلام: «الدين النصيحة»، وانطلاقاً من هذا الحديث الشريف، كانت العملية الفائتة نصيحة للتوبة (...) وأردنا من خلالها أن نوصل إليك بعض المعلومات، على رأسها أننا نستطيع أن نصل إليك وإلى محلك ساعة نريد، ولو كنت في حصون مشيدة». وقال: «لسنا ممّن يتهاون في شرع الله، فإما أن تعود إلى الله، وإما أن تعتبر هذا الشهر فترة وداع للدنيا تكرمنا عليك بها».