ريتا بولس شهوانلم يرضخ المحامي خليل نامي الخازن (مواليد1967، غسطا، له ولدان: ميرا 15 سنة ونامي 12 سنة)، عضو مجلس إدارة «أم تي في» والمنسّق بين نقابات كازينو لبنان والدولة، لتمنيات الوالد عدم الصعود على متن الطائرة المتوجهة إلى إثيوبيا، بسبب حالة الطقس الرديئة. أقفل خطه في وجه ابن عمته النائب السابق فريد هيكل الخازن لإصراره على طلب العودة. خليل استعمل «باسبوره» الدبلوماسي الإيطالي سريعاً عند وصول خبر إصابة ابن خالته، زياد شهوان، بذبحة قلبية في إثيوبيا. لم ينتظر لجنة أطباء لبنانية كانت ستتوجه في الأيام المقبلة إلى هناك، عند ابن خالته. ودّع الجميع وصعد على متن الطائرة.
الجميع يبكي في منزل هيكل الخازن. الزميل جورج غانم، رئيس دائرة الأخبار والبرامج السياسية في «أل بي سي»، يسأل عن آخر أخبار خليل، فالأمنيات واحدة: «يجب أن ينجو خليل، فهو يحترف السباحة... خليل كلّو حياة.. أكيد راجع للحياة»، يقول متأثراً. ينظر فريد الخازن، النائب السابق، إلى أمه وداد. يضع رأسه بين يديه، يحاول حبس الدموع، يصرخ فجأة: «لك مش معقول ما ردّ، ترجّيتو يضل». لم يكن النائب السابق وحده من تمنّى على خليل البقاء. خالته المفجوعة بوعكة ابنها الصحية تحتار على من تبكي، تغرورق عيناها بالدموع دون أن تقوى على إزاحتهما عن شاشة التلفزيون، تريد إجابات واضحة عن أسئلتها: كيف سقطت الطائرة؟ تفجير؟ صاعقة؟ خطأ بشري؟ نشرات الأخبار لا تجيب. تنده الخالة على مساعدة خليل في مكتب المحاماة، التي أصبحت اليوم المساعدة في تنظيم زوّار منزل آل الخازن، تطلب منها التوجه إلى فريد وسؤاله عن خليل: «هل وجدوه؟ هل هناك ناجون؟».
تبدو واضحة رغبة العائلة في معرفة أعداد الناجين، أكثر من أعداد الضحايا. فأملهم كبير أن يكون ابن الـ43 سنة عائداً. رشيد الخازن، قريب المفقود، متأكد من عودة خليل إلى المنزل حياً، على الرغم من أن المنطق يؤكد عكس ذلك. يصمت، يقضم أظافره ويتوجه بسؤال إلينا لعلّنا نملك معطيات عن تفاصيل الحادث: كيف يمكن الخلاص من تحطّم طائرة وارتطامها بقوة على سطح الماء؟ وإن نجا من كل هذا، هل ينجو من قوة الموج؟ في اتصال لفريد هيكل الخازن مع أحد أعضاء فريق الغطاسين من الدفاع المدني، سمير يزبك، يستوضح منه عن آمال قريبه في النجاة، وخصوصاً بعد وصول شائعات عن وجود ناجين. لم تكن تلك الشائعة الوحيدة التي طرقت باب البيت. شائعة من نوع آخر انتشرت على ألسنة النساء «هذه ليست صاعقة، إنه تفجير». وبين الأماني والشائعات تبقى حقيقة واحدة: هذه كارثة بحجم الوطن.


خليل الخازن: صديق الجميع

باسم الحكيم
فقدت Mtv أحد أركانها. الشيخ خليل الخازن، عضو مجلس إدارة المحطة، والمشرف على البرامج السياسيّة فيها، كان أحد الركّاب الذين استقلّوا طائرة الموت الإثيوبيّة أمس. تضاربت الأخبار في البداية، إذ نقل بعض وسائل الإعلام أنّ عائلة الخازن هي التي كانت على متن الطائرة، ثم قيل إنّ الخازن كان مع عائلته على متنها. وسرعان ما تبين أنّه كان وحده في رحلة عمل إلى الخارج.
لم يكن الخازن من الوجوه المعروفة على الشاشة، رغم كونه مشرفاً على البرامج السياسيّة في Mtv، التي كان من مؤسسيها عام 1991 ثم بعد عودتها إلى البثّ قبل بضعة أشهر، إضافةً إلى كونه أحد المناضلين في مسيرة المحطة لدى إقفالها بقرار قضائي في أيلول (سبتمبر) من عام 2002. غير أن موقعه بين زملائه وأصدقائه وعلاقاته القويّة مع الفعّاليات السياسيّة والاقتصاديّة والإعلاميّة، جعلت منه شخصيّة فاعلة، رغم أنه لم يتجاوز 43 عاماً. يصفه زملاؤه في المحطة بأنّه «جزء لا يتجزأ من هويتها»، ويتحدثون عن حرصه الدائم على متابعة سير العمل.
منذ الصباح، أذاعت أكثر من محطة تلفزيونيّة خبر وفاة الخازن في تغطياتها، بينما بقيت Mtv متكتمة عن الخبر، ولم تذعه إلّا متأخرة. يرى مدير الأخبار وليد عبّود، الذي جمعته والخازن صداقة وطيدة، أنّ للعلاقة التي تربطه بالخازن، وجهين «الأول مهني، إذ كان خلية نحل وصاحب انفتاح كبير، والثاني شخصي، إذ كان إنساناً بكل ما للكلمة من معنى، وهو صديق محبّ ومندفع وصاحب نكتة وفكر لمّاح».
ويوضح عبّود أن «علاقة الخازن كانت قوية بكل فريق العمل، ولم يكن لقب الشيخ إلّا للتحبب والتودّد، وهو يؤمن بالبروليتاريا، حافظ على علاقة مميزة بأصغر عامل وصولاً إلى أكبر مدير».
وبينما يتفق موظفو Mtv على أنّ «عائلته ستفقده حتماً، لكن ليس أكثر من المحطة التي تمثّل أيضاً عائلته الكبيرة»، يشير عبّود إلى أنه سيفقده كصديق وزميل، متذكّراً كيف بدأ معه معداً للبرامج السياسية، التي كان يقدمها إيلي ناكوزي على شاشة Mtv، «كنا نجتمع في غرفة الريجي»، وذلك قبل أن ينتقل عبّود إلى تقديم البرامج السياسيّة. ويختم بالقول: «ستفقده كل المحطة، وسأفتقد أنا الأخ والصديق وشخصاً محباً، وزميلاً كنت أحضّر معه لمشاريع عدّة في المستقبل القريب».