روبير عبد اللهفي عكّار، حملت الأنباء خبر فقدان غسان إبراهيم قاطرجي من تلعباس الغربي، وفريد سعد موسى من بلدة منجز. في تلعباس الغربي ظلّ الجيران والأقارب يتقاطرون إلى منزل غسان حتى الرابعة مساءً. وهو من مواليد عام 1964، متزوّج وأب لثلاث بنات، ريم وربى وغلاديس. في صباح اليوم المشؤوم، البنات لم يذهبن إلى المدرسة، بل لازمن المنزل ينتظرن أخبار الكارثة. أما الزوجة والوالدة ومجموعة من أهالي بلدة تلعباس الغربي فقد ذهبوا إلى مطار رفيق الحريري الدولي ليكونوا أقرب إلى مصدر الخبر اليقين، يحدوهم أمل ضعيف أن يكون غسان من بين ناجين محتملين.
في الشارع المؤدي إلى منزل قاطرجي يخيّم الحزن والوجوم. لا أحد يعلم الخبر اليقين، ومع ذلك يصرّح البعض بأنه ليس هناك احتمال لنجاة أحد. ثم يضيف إن المبرر الوحيد لبقاء الأهل في بيروت هو إجراء فحوص «دي إن أي» من أجل التعرف إلى جثة فقيدهم.
في منزل غسان، حداد غير معلن، صمت مطبق، يستقبل أخو غسان القادمين، تسأله فلا يعرف ماذا يجيب. أما صهر العائلة، إلياس رشيد، فإنه يحاول اختراق الصمت ليشير إلى أن المعلومات تتحدث عن مفقود آخر من بلدة منجز العكارية أيضاً، يعرف فقط أنه ابن سعد موسى.
يملك قاطرجي محلاً لبيع أجهزة الكمبيوتر في حلبا. هو يسافر دوماً إلى أديس أبابا، وهناك يعمل في المجال نفسه.
بفقده تخسر أسرته معيلها الوحيد. وفي منجز فقدت البلدة أحد أبنائها فريد سعد موسى. فريد من مواليد عام 1966 متزوج وله ثلاثة أطفال، أكبرهم في الخامسة من عمره. زوجته تعمل في مدرسة البلدة التي أقفلت حداداً. هو مسافر منذ سنوات للعمل مع أخيه في هولندا في شركة بحرية لمد الأنابيب النفطية. في الصباح توجهت زوجته برفقة أخيه الجندي في الجيش اللبناني إلى بيروت ليجري الأخير فحص «دي إن أي» أسوة بما يفعل جميع الأهالي من أجل التعرف إلى ذويهم من الضحايا.
في منجز، الحزن شديد. الجميع شبه متأكدين من الوفاة. لكن، لا أحد يجرؤ على إعلان الخبر، كما يقول أحد الجيران ريمون سليمان، علماً بأن خبراً انتشر عن ناجين محتملين، أشاع بعض الأمل في نفوس الأهل، لكن الخبر تلاشى وراح الأمل يتضاءل ساعة بعد أخرى. في عكار أقفلت معظم المدارس الرسمية والخاصة حداداً على ضحايا الطائرة المنكوبة. عكار اعتادت على الدوام أن يكون لها من كل كارثة حصتها.