محمد محسنإذا وقفت في مكان مرتفع من وزارة الدفاع، فستتمكن من رؤية البحر والمروحيات التي تحوم فوقه، بحثاً عن الضحايا والناجين، من الطائرة الإثيوبية التي تحطمت فوق الشاطئ اللبناني.
هكذا، منذ السابعة من صباح أمس، امتلأت أروقة وزارة الدفاع بالصحافيين. غرفة العمليات نصب أعينهم، حيث يصل إلى أجهزتها، كل جديد عن كارثة الطائرة. التكتم سيد الموقف، ولا معلومات تتسرب من «العمليات». إذاً، ليس في مقدور الإعلاميين، سوى انتظار المؤتمر الصحافي لرئيس الجمهورية ميشال سليمان ووزير الدفاع الياس المر، أو الاعتماد على مصادرهم.
بعد المؤتمر مباشرةً، دعا الوزير المر الصحافيين إلى لقاء. وخلال الدردشات، قال إن «الأمل لم ينقطع من وجود ناجين، وإن الحديث عن ناجين يبقى قائماً طوال 72 ساعة من وقوع الحادث». وعن الإجراءات العملانية، أكد صحة الحديث عن اتصال الأسطول الأميركي السادس لعرض المساعدة، وإجابته بضرورة التنسيق مع غرفة العمليات المشتركة بين الجيش اللبناني واليونيفيل. وتحدث للصحافيين، عن إمكان حضور طائرات أميركية من طراز P3 مجهزة برادارات حرارية قادرة على كشف جثث الضحايا والأحياء. أضاف المر إن مروحيتين بريطانيتين وأخرى قبرصية، توجهت للمساعدة، إضافة إلى تحرك طائرة عسكرية فرنسية للغرض نفسه.
برغم الإجراءات الأمنية العادية، كان واضحاً حجم العمل الكبير في الوزارة. تقفز الأخبار من ألسنة الجنود والضباط. يشير البعض إلى صعوبة في عمليات الإنقاذ في بحر هائج، فيما يعكس تجهّم البعض ندرة الأمل بالعثور على ناجين.
تتواتر الأخبار بسرعة البرقيات العسكرية. وجدوا جثي طفلين وجرى نقلهما إلى المستشفى. ازداد عدد الجثث المنتشلة من فوق الأمواج. وفي انتظار مؤتمر وزير الدفاع عند الثالثة عصراً، كان الصحافيون يحللون أسباب تحطم الطائرة. في غرفة مدير مكتب الوزير، التلفزيون مشتعل بالأخبار، وكان آخرها قبل المؤتمر، الفيلم الذي يصور لحظة «تحطم الطائرة أو انفجارها». على الفور تبدأ التحليلات: استبعاد للعمل الإرهابي، صاعقة ضربت خزان الوقود، أو ربما خلل تقني ليس غريباً على طائرات خطوط النقل في أفريقيا.
خلال المؤتمر الصحافي، أكد وزير الدفاع «استمرار المهمة من دون توقيت محدد لنهايتها، للبحث عن ناجين». أعاد تأكيد اهتمام رئيس الجمهورية مباشرةً بسير العمليات، إضافةً إلى رئيس الحكومة سعد الحريري الذي «يقوم باتصالات لتأمين الدعم للقوى التي تعمل براً وبحراً وجواً». أكد المر تحرك الجيش بعد 20 دقيقة من وقوع الكارثة، معدّداً الآليات المساهمة في عمليات الإنقاذ: 9 طرادات للجيش، 2 لليونيفيل، 6 مروحيات للجيش، 5 توزعت على اليونيفيل وفرنسا وبريطانيا. لم يشأ المر الغوص في فرضيات وأخبار غير مؤكدة عن تحطم الطائرة. المهم هو العثور على الصندوق الأسود وصندوق تسجيل الأصوات لمعرفة المعلومات الدقيقة. وعلى مستوى قيادة الجيش، أكد المر أنها «وضعت الإمكانات لتنفيذ مهمة الإنقاذ»، مشيراً إلى انتشار عسكري على طول الشاطئ اللبناني، فيما يستنفر فوج مغاوير البحر طاقاته وغواصيه بحراً. وحدّد المر الساعة الرابعة من بعد ظهر أمس موعداً لوصول الطائرة الأميركية P3. وفي سؤال لـ«الأخبار» عن المساعدات العربية، أشار المر إلى أن «هذا الملف بيد رئيس الحكومة، وأشقاءنا العرب لا يقصّرون في مساعدة لبنان». أما مديرية الدفاع المدني، فقد أشارت مصادرها لـ«الأخبار» إلى مشاركة 13 سيارة إسعاف تابعة لها، واستنفار وحدة الإنقاذ البحري طوال الوقت. أما عن عدد الجثث المنتشلة حتى كتابة هذا التقرير، فلم تحدد المصادر عدداً، وقالت إنه «يراوح بين 13 و25 جثة».
من جهته، الصليب الأحمر اللبناني، أصدر بياناً روى فيه أنه تلقّى «عند الثالثة من فجر أمس نبأً يفيد عن تحطم طائرة قبالة الشاطئ اللبناني غرب منطقة السعديات، توجهت فرق الإسعاف والطوارئ من مراكز بيروت وجبل لبنان وقوامها 100 مسعف و25 سيارة إسعاف، تمركزت 10 منها في قاعدة بيروت البحرية التابعة للجيش و18 أخرى في القاعدة الجوية في مطار رفيق الحريري وعلى الطريق الساحلية وفي صالون المطار».
تابع البيان: «إلى مشاركتها في عمليات المسح الميداني البري على الشاطئ، عملت فرق الإسعاف والطوارئ على نقل 14 جثة وبعض الأشلاء من مطار بيروت الدولي ومن القاعدة البحرية إلى مستشفى رفيق الحريري الجامعي».