قاسم س. قاسمكانت الجدة في انتظار حفيدتها، فالجدّات يقمن مقام الأمهات
المسجى أمامهم، يصلّون عليه، ثم يحملونه مجدداً بهدوء كأنهم لا يريدون إيقاظ «الأميرة النائمة»، يضعونه بالقرب من لحدها، ينزع كفن «الشهيدة جوليا محمد الحاج»، كما كتب عليه. تنزل جوليا إلى بيتها الجديد. يخرج المعزّون من الجبانة. بقي خال الفتاة، محمد، واقفاً للحظات بالقرب من حافة القبر. الرجل كان قد خسر ابنته منذ فترة بمرض عضال، ويعرف معنى أن يفقد المرء عزيزاً. ينظر إلى حفّار القبور كيف يهيل التراب عليها، ففي هذه الحفرة دفنت ابنة أخته، وستنضم إليها أخته رنا، لاحقاً. ينتظر محمد انتهاءه من تمسيد التراب، يحمل أكاليل ورد من رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، ورئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، وقائد الجيش العماد جان قهوجي، وقائد الدرك أنطوان شكور، وقائد قوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي. يقبّل بعض أوراق الورد ثم يضعه بخشوع فوق قبرها، لينسحب كمن طبع قبلة النوم على خد ابنة أخته. عاد الجميع إلى منطقة الأوزاعي لتقبّل التعازي. هناك ملأ صوت تلاوة الآيات القرآنية فضاء المنطقة الهادئة. صوت لم يكسره سوى تكسّر موج اليمّ الأزرق على صخور الشاطئ وهدير طائرات لامبالية تمّر فوق رؤوس المعزّين.في هذا القبر الواسع تنتظر جوليا أمّها
- اخبار وتحقيقات
- قاسم س. قاسم
- الجمعة 29 كانون الثاني 2010