في ندوات أسبوع الصداقة اللبناني ــ الإيراني، أبعد المجتمعون السياسة عن نقاشاتهم العامة، وانهمكوا في إشباع فضول كلّ منهم لمعرفة الآخر عن كثب، مهما اختلفت الدوافع. الزيارة الإيرانية جاءت تنفيذاً لاتفاق مسبّق في العام الماضي بين وزارتي الشباب والرياضة في الدولتين
محمد محسن
خلال اللقاء اللبناني الإيراني، حمّلت المنظمات الشبابية اللبنانية، على تنوّعها، مندوبيها أسئلة تتناول شؤوناً تهمّ حلفاء إيران وخصومها المحليين على حد سواء. هكذا، بين مبتهجٍ بلقاء شباب دولة يعدّها حليفته، وآخر يحكمه فضول التعرف إلى الخصم، بدأت الجلسات الحوارية. لكن، ولكثرة المشاركين من الدولتين، اقتصرت الجلسة الأولى على التعارف: الاسم، التحصيل العلمي، والعمل. هنا، بدا لافتاً حجم الاختلاف بين الوفدين. فبينما اختار الإيرانيون مخترعين ورسّامات وصحافيّات شباباً لتمثيل بلادهم، اقتصر ممثلو الوفد اللبناني على أعضاء المنظمات الشبابية.
صبيحة أمس، بدأت الجلسة الحوارية الثانية. رفض مدير اتحاد الشباب الإيراني، شمس علي، بدء كلمته قبل إحضار العلم الإيراني. ولضيق الوقت، اقتصرت أسئلة الحاضرين من الوفدين على الشؤون الاجتماعية وهموم الشباب. في الأسئلة اللبنانية فضول لمعرفة تعاطي الحكومة الإيرانية مع المبدعين. استفسار عن التناقض بين «تكفير» الغرب والاستعانة بعلومه. وماذا عن حقوق الأقليات وحرية الصحافة؟ أثناء إجاباتهم، يلفتك استشهاد دائم لأعضاء الوفد الإيراني بكلمات للإمام الخميني «لا يستطيع أحد منعنا من تحقيق أهدافنا». كذلك، تكررت كلمات «مواجهة الاستكبار والتعمية الإعلامية والحصار الاقتصادي»، ولذلك أكد الإيرانيون تسخير علومهم وإمكاناتهم «لانتصار إيران». هكذا، نوّه الشباب بدور حكومتهم في دعم المواهب العلمية وتوجيهها. أما تكفير الغرب رغم الاستعانة بعلومه، فقد استفز الإيرانيين كثيراً. اندفع شمس علي للإجابة عنه، فتحدث عن حرب على إيران وحصار دعمته 28 دولة «جعل الشباب يبدعون في التقدم العلمي». مشارك آخر، رفض الحديث عن التكفير الكامل للغرب، وانطلق من مقولة «اطلبوا العلم ولو في الصين» لتبرير الاستعانة الإيرانية بالعلوم الغربية. دعم إجابته بالحديث عن «اتفاقيات علمية وصداقة مع كل الدول إلا إسرائيل». وانتقالاً إلى الأقليات، روت رسامة أرمنية إيرانية قصة الأرمن هناك: «نعيش في إيران منذ 400 سنة. لولا أننا ننال حقوقنا السياسية لما تحملنا العيش». أما الصحافية، فقد عددت مجموعة أمور تدل برأيها على وجود حرية صحافة في إيران. فرغم أن «السيد القائد يعدّ من ثوابت النظام، فإنّ الصحافة تنتقده بحرية». كذلك، أكّدت ازدياد الصحف الإصلاحية في حقبة الحكم المحافظ. في الجانب الآخر، استتبع سؤال مشارك إيراني عن كيفية قضاء الشباب اللبناني أوقات فراغهم إجابات لبنانية متفاوتة. فبينما تحدّث مسؤول الشباب في حزب الله يوسف بسام عن «دورات سياسية وثقافية وأخرى عسكرية» يجريها الحزب لشبابه، وخصوصاً أن «الوقت يدخل في صلب الاهتمام الديني للحزب»، رأى ممثل منظمة شباب المستقبل أن «الشباب اللبناني يبحث عن الثقافة ويمتلك نهماً معرفياً»، وغمز من قناة البسام معتبراً «أن التدريب العسكري يجب أن ينحصر في الجيش اللبناني».
أوضحت الإجابات من الطرفين، بعض الأفكار المشوّشة عند كليهما. اليوم تعقد الجلسة الثالثة، ومن المتوقع أن تشهد أسئلة أكثر وضوحاً وتخصّصاً. قد تساعد الرحلات إلى الأماكن السياحية المدرجة في برنامج الزيارة، إضافةً إلى الأحاديث الجانبية، عاة توضيح ما تعجز جلسات قصيرة عن توضيحه.


«مظلوم باسيج» في الإعلام

بعد جلسة التعارف، توجّه وفد الشباب الإيرانيين إلى شاطئ الرملة البيضاء، ورموا وروداً لمفقودي الطائرة الإثيوبية. هناك، أتيح المجال لأحاديث جانبية. يبتسم أحد الجامعيين الإيرانيين، حين يدلّه صديقه اللبناني على مكان انفجار البارجة الإسرائيلية في حرب تموز 2006. وحين تسأله عن «الباسيج» يجيبك بأنه منهم «شباب الباسيج مظلوم في الإعلام. نحن أخلاقيون ولا نعتدي على أحد». في المقابل، لا تخفي إحدى المشاركات تصويتها لـ«مير موسوي». تمسك يد صديقتها التي ترتدي «التشادور» الإيراني. في كلماتها انعكاس لذهنية مجتمعها: «نحن أصدقاء، لا تفرّقنا السياسة. ما ينقل عن كره الشعب الإيراني بعضه لبعض هو أكاذيب».