أوقفت استخبارات الجيش مراهقاً في قضية وضع قنابل في جبل محسن داخل علبة مليئة بالبنزين. اعترافات الفتى سمحت بتوقيف آخرين
عبد الكافي الصمد
هل يمكن القول إن كاميرا المراقبة الخاصة الموضوعة في ساحة الأميركان في محلة جبل محسن في طرابلس قد ساعدت في كشف المتورطين في وضع القنابل والعبوات الناسفة في المنطقة منذ فترة؟ وهل «طرف الخيط» الذي أمسك به المعنيون في الأجهزة الأمنية بعد إلقائهم القبض على مشتبه فيه سيساعدهم في الوصول إلى الأطراف الفعليين ووضع حد لأجواء القلق التي خيّمت على طرابلس، خوفاً من أن يكون ذلك إشارة إلى إعادة أجواء التوتر إلى عاصمة الشمال، انطلاقاً من منطقة هي الأكثر قابلية للاشتعال عند أول احتكاك فعلي؟
هذه الأسئلة طُرحت بقوة ابتداءً من بعد ظهر السبت الماضي، عندما أوقف عناصر استخبارات الجيش في طرابلس المدعو خ.ع.ف، الفتى الذي يبلغ من العمر 14 عاماً داخل منزله في محلة جبل محسن، بعدما التقطته كاميرا مراقبة خاصة كانت موضوعة في ساحة الأميركان، التي تقع على أطراف محلة جبل محسن لجهة مجمّع الرئيس رفيق الحريري السكني في القبة، وهو يضع القنبلة داخل غالون صغير من البنزين عند طرف الساحة في وقت مبكر من صباح ذلك اليوم.
أوقف عناصر استخبارات الجيش في طرابلس المدعو خ.ع.ف، وهو يبلغ من العمر 14 عاماً
كان مواطنون يسكنون في المكان قد عثروا على القنبلة يومها من طريق الصدفة، وذلك قرابة الساعة العاشرة والنصف صباحاً، فأبلغوا استخبارات الجيش التي حضر عناصرها وفجروا القنبلة بعدما طوقوا الساحة، وذلك في تكرار للمشهد الذي أعقب العثور على 3 قنابل في المحلة ذاتها الأسبوع الماضي. القنبلة الأولى كانت قرب مدرسة أبو فراس الحمداني الرسمية، ووُضعت قنبلتان في محاذاة مدرسة قبة النصر المارونية على مقربة من منزل النائب السابق علي عيد، إضافة إلى قنبلة يدوية كانت قد ألقيت بعد ذلك ليلاً في سوق القمح عند أطراف محلة جبل محسن لجهة محلة باب التبانة.
كشف مسؤول أمني لـ«الأخبار» أنه بعد الاستعانة بشريط كاميرا المراقبة والتدقيق به، أُوقف خ.ع.ف، وهو تلميذ في أحد المعاهد الفنية في بلدة دده ـــــ الكورة، وأنه إثر الاعترافات الأولية التي أقرّ بها، نفذت الأجهزة الأمنية حملة دهم واسعة أوقفت بنتيجتها 39 شخصاً، 4 من جبل محسن والبقية من سكان مجمّع الحريري وأحياء الشعراني والراهبات والساحة المجاورة في محلة القبة. وقال المسؤول إن التحقيقات جارية مع الموقوفين لـ«كشف كل الخيوط المتعلقة بقضية القنابل التي كان واضعوها يعتمدون أسلوباً واحداً في رميها، من خلال وضعها داخل علب بلاستيكية صغيرة ممتلئة بالبنزين، ثم يتركونها في أماكن محددة لتنفجر لاحقاً بعد أن يلوذوا بالفرار».
أوضح متابعون للقضية أن «شائعات انتشرت بعد توقيف الشخص المذكور، أفادت بأنّ أفراداً كانوا قد دفعوا له مبالغ مالية تتراوح بين 100 ألف ليرة لبنانية و100 دولار أميركي لقاء كل قنبلة يلقيها، مستغلين حاجته إلى المال وصغر سنّه».
زار مسؤول العلاقات السياسية في الحزب العربي الديموقراطي رفعت عيد مقر استخبارات الجيش اللبناني في طرابلس أول من أمس، وأعلن «رفع الغطاء عن كل شخص يشتبه بضلوعه في وضع القنابل، بعدما وجه البعض اتهامات إلى عيد وجماعته بأنهم هم من يضعون القنابل لأسباب مختلفة»، ما دفع مسؤولاً مقرباً من عيد إلى مطالبة «القضاء باستدعاء الأشخاص الذين يوجهون هذه الاتهامات إلينا، ومنهم النائب خضر حبيب، فليقدموا المعلومات التي يملكونها في هذا السياق».
مختار جبل محسن ـــــ باب التبانة عبد اللطيف صالح دعا القضاء والأجهزة الأمنية إلى «كشف كل المعلومات والتحقيقات بشفافية أمام الرأي العام، وإعادة الأمن والاستقرار إلى المنطقة، وتفويت الفرصة على المصطادين في الماء العكر، وخصوصاً في ظل توجه جبل محسن، بمرجعيته السياسية وأهله، إلى إنجاز مصالحة شعبية تنزع فتيل التوتر في طرابلس دائماً».