لا يزال طموح زينة (19 عاماً ــــ قرية البستان الحدودية) بالدخول إلى الجامعة صعب المنال لارتباط تحققه باعتبارات كثيرة، ليس أولها رفض أولياء أمرها ابتعادها عن المنزل، وليس آخرها قرارات وزارة التربية والتعليم العالي بخصوص افتتاح فروع للجامعة اللبنانية التي لم تشمل صور حتى الآن
آمال خليل
تقطن زينة في بلدة البستان الحدودية التي تبعد عن بيروت تسعين كيلومتراً لناحية المسافة وعشرات السنوات لناحية التنمية والخدمات الأساسية. وزينة هي واحدة من بين مجموعة من فتيات منطقتها نلن العام الماضي شهادة البكالوريا من ثانوية يارين الرسمية. ولأن أفق التعليم ينتهي لديهن عند هذا الحد، تقاعدن ولزمن المنزل قسراً قبل بلوغ العشرين بانتظار العريس أو تبدل الأحوال. فحتى إذا تقبّل أهل زينة التحاقها بالجامعة اللبنانية في بيروت وسكنها بمفردها، فإن إمكانياتهم الاقتصادية لن تحتمل الأمر. فوالدها، الحاج ساري، يفضّل بقاء ابنته بحمايته، رافضاً «التشتت الاجتماعي» للعائلة و«نظرية ربط طلب العلم بالصين أو ببيروت التي تفرضها سياسة الإنماء اللامتوازن»، كما يقول. لكنه لا يمانع بإرسالها إلى فرع للجامعة اللبنانية في صور، فيما لو وجد. من هنا، فإن أحلام زينة ومن خلفها آلاف الطلاب «تقف بين يدي المعنيين للمطالبة باستحداث فرع للجامعة اللبنانية في صور»، كما تشرح ابنة قرية البستان.
وكان افتتاح كلية للعلوم تابعة للجامعة اللبنانية في بنت جبيل أخيراً، وإقرار وزارة التربية والتعليم العالي افتتاح فرعين للجامعة في محافظتي البقاع والشمال، قد أغضبا الكثيرين في منطقة صور من الذين يناشدون منذ سنوات لإنقاذ آلاف الطلاب من 68 بلدة في قضاء صور من الهجرة أو النزوح القسري طلباً للعلم.
ولم يفلت نواب المنطقة وفعالياتها من تهم التقاعس والتقصير في مطالبة المسؤولين «بالحق المهدور الناجم عن التنمية غير المتوازنة، ومنها عدم وجود جامعة في المنطقة» كما يردد الأهالي. ويقر مقرر لجنة التربية والثقافة في بلدية صور والأستاذ في الجامعة اللبنانية أحمد زرقط بأن «هناك تقصيراً من كل الأطراف في السعي لدى وزارة التربية لافتتاح شعبة للجامعة اللبنانية»، مرجعاً السبب إلى «استفادة البعض من حرمان المنطقة من التعليم الرسمي لمصلحة الخاص، وخصوصاً بعد افتتاح ثلاث مؤسسات جامعية خاصة قبل عامين». وفيما أعلن زرقط عن التحضير لحملة واسعة يقودها النواب بالتعاون مع بلديات قضاء صور لمراجعة المسؤولين في هذه القضية الملحة، لفت إلى أن منطقة صور «لا يحق لها وفق القانون، الحصول على فرع للجامعة اللبنانية يضم كليات عدة، لأنها ليست مركز محافظة الجنوب كما هي مدينة صيدا». وعليه، فإن صور «قد تحصل إذا ما حصلت الموافقة، على شعبة أي كلية، على غرار كلية العلوم المستحدثة في بنت جبيل». إشارة إلى أن الفرع الخامس للجامعة في صيدا، الذي يقصده طلاب منطقة صور، يضم فقط كليات الآداب والحقوق والعلوم السياسية والعلوم الاجتماعية. أما كلية الصحة في المدينة، فهي تضم حصراً اختصاصات الإشراف الصحي والعلاج الفيزيائي والتمريض والمختبر، ولطلاب اللغة الفرنسية فقط.
ويشير زرقط إلى أن «ما يؤكد حاجة الطلاب لافتتاح جامعة رسمية في صور، إقبال حاملي اللغة الإنكليزية كلغة ثانية، على الالتحاق بمعهد العلوم التطبيقية في الجامعة اللبنانية ــــ فرع صور الذي يعتمد اللغة الفرنسية في التدريس»، بينما لا يخفي «فشل تجربة المعهد الفرنسي الذي افتتح قبل خمس سنوات بمبادرة وتمويل من بلدية صور، لأنه لم يلبّ الحاجات فتقلّص عدد طلابه تدريجاً من 400 في السنة الأولى إلى مئة هذا العام في الاختصاصات كلها، فرجعنا إلى نقطة الصفر من حيث تأمين تعليم جامعي للجميع في منطقة سكنهم».


المطالبات الرسمية على درب الجلجلة البيروقراطي

ردّاً على مطالبات الأهالي واحتجاجاتهم، واعتراضات الطلاب المتكررة على حرمانهم من فرصة متابعة دراستهم الجامعية، أو في أحسن الأحوال تقليصها، دخل نائب قضاء صور الجديد نواف الموسوي على خط المطالبة بجامعة لبنانية للمنطقة خلال حملته الانتخابية قبل سبعة أشهر. إلا أن ما استطاع تحصيله حتى اليوم لم يتجاوز «التشاور مع نواب المنطقة وفعالياتها لتحريك القضية مع الوزارات والمراجع المعنية» كما صرّح لـ«الأخبار». أما في ما خص مطالبة البعض بإنشاء مدينة جامعية على غرار تلك القائمة في الحدث وتلك المزمع إنشاؤها في الشمال، فقد أكد الموسوي أن الأمر يحتاج إلى دراسة موثقة لعدد الطلاب الجامعيين في المنطقة ونسب توزعهم على الاختصاصات العلمية.