صباح أيوبأعرف تحديداً أين يرقد. القسم والطابق والغرفة في آخر البهو ثم أنعطف يميناً. يمكنني التوجّه إلى المستشفى من دون خريطة. سأعبر الحدود بجواز سفر روسي. ملامحي ستساعدني. تعلّمت العبرية منذ أشهر، أطلب من السائق التوجه إلى «تل هشومير». سألبس الثوب الأبيض وأعلق بطاقة مزيّفة باسم مستعار، والصفة: ممرضة ضمن نظام تبادل. ولدت في روسيا وتعلّمت التمريض هناك ثم أتيت إلى مستشفى «شيبا» لأتمرّن. اسمي: ساشا أيوبوفيتش.
أصل إلى المستشفى. أتوجّه إلى مدخل الطوارئ. أسرع في المشي واثقة من الخطوات. أنا على عجلة من أمري، ولا وقت للتدقيق في وجودي.
أصعد إلى الطابق ذاته. أعبر الرواق ببطء. ألتقي بطبيب فابتسم له. أصل إلى غرفة الانتظار. أول حاجز مسلّح مؤلّف من عنصر واحد وبندقية. أنظر في عينيه، أتمتم كلمات طبية وأرفع له بطاقتي. في يدي آلة ضغط وقارورة «سبيرتو» وقطن.
أبتسم وأتابع سيري. خطوات قليلة وأصل لآخر الرواق ثم إلى اليمين. أعرف تحديداً أين يرقد أرييل شارون.
أنا على عتبة غرفته. عنصران من الـ«شين بيت» على الباب يفتشان كل شيء. سأبلغهما أنّ الطبيب قادم بعد ثوان. ثم أعبس ويفتحون لي الباب. أنا في الغرفة. صوت آلات تنفس وتلفزيون وشراشف عاجية. أقترب. عجوز شاحب بشعر أبيض يتنفّس بهدوء على
السرير.
قناة «العربية» بشّرتنا قبل مدة أنّ شارون «يفتح عينيه أحياناً، ويرى الأبقار في التلفاز ويحرّك إبهامه إذا طلب منه أحد ذلك». جيّد، بإمكانه أن يسمعني إذاً. لا وقت لدي. أنحني لغاية أذنه وأهمس: «أنا من لبنان، فلسطين تحررت». أكررها بالعربية... يحرّك إبهامه. أنزع كل الآلات الموصولة بجسمه. وأخنق أنبوب التنفس. أتأكّد من موته. أبتسم وأخرج بهدوء. أحاول كبت سروري طوال الرواق. أغادر المستشفى. أعود إلى الحدود.
قد توقفني الشرطة المصرية أو تسلّمني القوات الأردنية. وقد أرجع سالمة إلى البلاد. لكنّي سأذهب. قبل أن يسبقني الأمل إلى انتزاع روحه. قبل أن تقرر خلايا دماغه الاستيقاظ مجدداً. سأذهب إلى هناك قبل النفس الأخير.