strong>توم أنغلهارت*قال الرئيس باراك أوباما في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ «أنوي إنهاء المهمة». لكن كلّ الأدلة كانت تشير إلى أنّه ينوي إرسال ما يزيد على 30000 جندي إضافي إلى أفغانستان. ما يلي هو نسختي الخاصة من خطاب أوباما المتعلق بأفغانستان، متخيّلاً أنّه سيقوم بما لم يقم به أي رئيس أميركي من قبله. لكنّه للأسف لم يتّخذ هذه الخطوة.

■ ■ ■


قررت التكلّم معكم بصراحة يستحقها الأميركيون من رئيسهم... خلال حملتي الرئاسية سمّيت أفغانستان «الحرب الصحيحة». دعوني أقُلْ لكم شيئاً، بعد اطّلاعي على التقارير الاستخبارية الكاملة، لم أعد أؤمن بهذا الأمر. أعرف أنّ الرئيس يجب ألّا يقول شيئاً كهذا، لكنّه أيضاً يجب أن يتمتع بمرونة تسمح له بتغيير رأيه. وأكثر من أي شخص، على الرئيس أن يقوم بذلك معتمداً على أفضل المعلومات الاستخباريّة. يجب ألّا تردعه كبرياء خاطئة أو حسابات سياسية.
لقد اتضحت كلّ المعلومات عندي عن أفغانستان... لذلك اتفقنا جميعاً على ما يأتي:
1 ـ لا شريك لدينا في أفغانستان. لا تتجاوز سلطة حكومة الرئيس الأفغاني، حميد قرضاي، حدود العاصمة كابول. هو بنفسه عاد إلى منصبه في انتخابات رئاسية بلغ التزوير فيها نسباً عالية لا يمكن تخيّلها. فقدتْ إدارته كلّ الصدقية التي تتمتع بها أمام الشعب الأفغاني.
2 ـ تعوم أفغانستان على ثقافة الفساد. هذا يتضمن إدارة الرئيس قرضاي وأكبر مسؤوليها، وكذلك أمراء الحرب الذين يسيطرون على مناطق عدّة. من هؤلاء، الطالبان، الذين يعتمدون في تمويل حركتهم على الأفيون، الذي تنتجه البلاد بكميات مهولة. ليست أفغانستان دولة مخدّرات فقط، بل إنّها دولة المخدّرات الأولى في العالم.
3 ـ رغم مليارات الدولارات الأميركية التي ضُخّت لتدريب قوات الأمن الأفغانية، بقي الجيش قليل العديد وغير فعّال البتّة. تعاني الشرطة الفساد في صفوفها، ويحتقرها معظم أفراد الشعب.
4 ـ ينتشر تمرّد طالبان ويحظى بمساندة، لأنّ نظام قرضاي فقد صدقيّته. المحاكم والشرطة الأفغانية غير فعالة أبداً، وتعجّ بالفساد، وأموال إعادة الإعمار تذهب هدراً. تحت هذه الظروف تظهر القوات الأميركية والناتو كقوات محتلة، ويتصرف العديد منهم بطريقة تعزّز هذا الانطباع.
5 ـ لم تعد حركة القاعدة عاملاً مهماً في أفغانستان. أفضل التقارير الاستخبارية تخبرني أنّّ هناك حوالى مئة عنصر من القاعدة في أفغانستان، وثلاثمئة في باكستان المجاورة. ويتفق على ذلك مستشاريّ رغم خلافاتهم. كما قلت في آذار، كان هدفنا توقيف عمل القاعدة، تفكيكها وهزمها في باكستان وأفغانستان، ولقد نجحنا في هذه المهمة. لا يزال أسامة بن لادن فاراً، ولا تزال منظمته الإرهابية خطراً علينا، لكنها ليست خطراً يتطلب صرف ما يزيد على مئة مليار دولار.
6 ـ تحوّلت حربنا في أفغانستان إلى معادل لعملية إنقاذ شركة فشلها محتوم. ببساطة، إنّ إرسال أربعين ألف جندي إضافي إلى أفغانستان، كما يقدّر مستشاريّ، سيكلّف ما بين 40 و54 مليار دولار إضافية، وإرسال ثمانين ألف جندي سيكلّف ما يزيد على 80 مليار دولار. كما سيكلّف إرسال المزيد من المدرّبين والمستشارين لمضاعفة عديد الشرطة الأفغانية، كما اقترح البعض، 10 مليارات دولار إضافية. تتخطى هذه الأرقام التكاليف الحالية السنوية للحرب (65 مليار دولار) وستؤدّي إلى أن يصرف الشعب الأميركي 100 مليار دولار إضافية في السنة، أو أكثر على هذه الحرب، للسنوات المقبلة. ببساطة، هذه مبالغ لا يمكننا تحمّل صرفها على حرب فاشلة بعيدة عن الوطن آلاف الأميال.
7 ـ تحمّل جيشنا الذي يضم متطوعين في صفوفه، لسنوات خلت، توابع حربَينا في العراق وأفغانستان. حتى لو كنّا قادرين على إرسال أربعين ألف جندي إضافي إلى أفغانستان، أو ثمانين ألفاً، سيكون لدينا، مما لا شك فيه، أشخاص يخدمون للمرة الثانية، الثالثة، الرابعة أو الخامسة. أفضل الجيوش في العالم تضعف تحت هذا النوع من الضغط.
هذه النقاط السبع كانت تقضّ مضجعي للأسابيع الماضية، عندما كنّا نتناقش حول الطريقة الأفضل للتصرّف. الليلة، نتيجة الوقائع التي وصفتها لكم في أفغانستان، وضعت جانباً كلّ القضايا التي تمثّل هاجساً لواشنطن في العادة، وخصوصاً قضية إن كان يستطيع أي رئيس أميركي قلب مسار حرب، والاحتفاظ بمستقبله، وضمان إعادة انتخابه. هذا يعود إلى الشعب الأميركي فقط تقريره.
لكلّ هذه الأسباب دعوني أقُل بوضوح تام إنّني قررت عدم إرسال أي جندي إضافي إلى أفغانستان. إلى جانب ذلك، أنا مؤمن أنّه، من أجل مصلحة الشعب الأميركي، يجب إنهاء هذه الحرب مثل الحرب العراقية. في المستقبل القريب، سيعود جنودنا إلى الوطن بشكل منظّم، في الوقت الذي نضمن فيه أمن رجالنا ونسائنا في الجيش. من الآن فصاعداً، ستنجح إدارتنا أو تفشل اعتماداً على الموقف التالي الأساسي: نحن أنهينا حربين عوضاً عن تمديدهما.
* عن «ذا نايشن»: مجلّة أسبوعيّة أميركيّة يساريّة
ـــــ ترجمة ديما شريف