أول من أمس، فتحت إدارة «ماكدونالدز» مطبخ فرعها في منطقة الدورة أمام الصحافيين. خطوة تثير الاهتمام، لجهة دوافعها، وخصوصاً أنها جديدة من نوعها على مستوى ذهنية تعامل مطاعم الوجبات السريعة مع المستهلك
محمد محسن
مطعم يفتح أبواب مطابخه أمام الصحافة: فلتدخل، عليها الأمان، ولتصوّر ما تشاء، وتكتب ما تريد. مبادرة من هذا النوع في مطعم على الأراضي اللبنانية تمثّل بحد ذاتها مفاجأة، حيث تقلّ بل تندر المطاعم التي تفتح مطابخها للزبائن.
أول من أمس، وعند الحادية عشرة ظهراً، بدأت فعاليات الزيارة بناءً على الدعوة التي وجهتها مطاعم «ماكدونالدز»، فرع الدورة. ما أسباب هذه الدعوة؟ لعل معظمها يتعلق بعلامات الاستفهام المحيطة بوجبات الدهون المشبعة عموماً وتحديداً بالشبهات التي تدور حول أنواع اللحوم المستخدمة في ماكدونالدز.
انطلاقاً من هذه الفرضيات، يبدأ مدير الجودة في فروع منطقة الشرق الأوسط الحبيب المناصرية، بتقديم عرض موسع يجيب فيه عن تساؤلات كثيرة، طالت سهامها أخيراً سمعة سلسلة المطاعم التي بدأت عملها منذ عام 1955. بديهياً، لا بد أن يعرض مدير الجودة كل الأمور بصورة إيجابية، كيف لا وهو الذي يجهد للمحافظة على سمعته؟ ربما كان هذا الدافع الأساسي وراء هذه الجولة، وخصوصاً بعد تسريب معلومات عن خلط «ماكدونالدز» أنواعاً كثيرة من اللحوم في أطباقها، وهو ما نفاه مدير الجودة قبل أن يبدأ العرض قائلاً «الحديث عن خليط اللحوم هو كلام فارغ، نحن لا نخاطر بثقة المستهلك أبداً».
تركزت محاور العرض على أمور متعددة: مصادر اللحوم المستعملة، الفحوصات الدورية للمنتجات، نظافة العاملين وأنظمة التأكد من سلامة المنتوج، والمعاينة الدائمة من مكتب الجودة، سراً وعلانيةً، للتأكد من مطابقة المواد المستعملة لمواصفات الصحية والشرعية التي تضعها الجهات الرسمية ومختبرات «ماكدونالدز». فتحت هذه المعلومات الباب أمام أسئلة محورية. فالحديث مثلاً عن دراسات ومعاينات سنوية لعناصر جودة الإنتاج عبر شركة محايدة، من دون عرض نسخة عن هذه الدراسة، أبقى الوضع مبهماً، إلى أن استجاب المناصرية لطلب «الأخبار» عرض وثائق تثبت صحة كلامه. فتح حاسوباً محمولاً، وعرض الدراسة الأخيرة، التي قامت بها شركة بريطانية محايدة، وتثبت تلبية مطاعم «ماكدونالدز» لمعايير الجودة. كما استحوذ الحديث عن مصادر اللحوم على حصة من النقاش قبل الدخول إلى مطبخ المطعم. الدجاج من البرازيل واللحم البقري من أوستراليا. هكذا، تبادر سؤال فوري مرتكز على صورة نمطية، مبرّرة هذه المرة عن سوء اللحوم البرازيلية، وخصوصاً بعد ضبط بواخر محملة بنوع فاسد منها أخيراً. التوضيح جاء سريعاً، وعلى ذمة «ماكدونالدز» فإن المداجن البرازيلية التي يستورد المطعم لحومه البيضاء منها تطعم الدواجن أعلافاً طبيعية خالية من الهرمونات، أما عن التجليد فهو صحي بدرجة 40 تحت الصفر، وانسحبت هذه الإجابة على مصادر اللحوم البقرية أيضاً. أما الأسماك فتأتي من بحار الدنمارك. والمدّة الفاصلة بين الذبح والاستهلاك لا تتجاوز الأسبوعين على أبعد تقدير بحسب مدير فروع «ماكدونالدز» في لبنان رشوان مكناس.
بعد العرض، إلى المطبخ در. إرشادات صحية، مراويل بيضاء وعوازل للشعر، ومنع المرضى من دخول المطبخ. ومن باب خلفي للمطعم بدأت الجولة. التجهيزات متطورة والعمّال منظمون، يرتدون قفازاتهم، ويعملون كالساعات التي توقّت لمدى بقاء مواد الطعام قبل استعمالها، وهو ساعتان في الغالب. تلفت آلات الشيّ المتطورة، أما الزيت الذي تقلى فيه البطاطا، فيتغير كل خمسة أيام و«هو في آلات قلي متطورة تنقّيه دائماً، وهذا ما يطيل عمر استخدامه. نستعمل زيتاً نباتياً تنخفض فيه نسبة الأحماض الدهنية» كما يقول أحد المدراء التنفيذيين في «ماكدونالدز». في برادات كبيرة ترتاح كميات من الخضار والصلصات «ويحدد حجمها بحسب حاجات الزبائن وطلباتهم» كما يقول مدير الجولة.
في الشكل، كان المطبخ نموذجياً. لكن ما الذي يضمن أنه دائماً على هذه الحالة، وخصوصاً أن الزيارة مخطط لها مسبقاً؟ وهل يحق لكل زبون يريد التأكد مما يأكل أن يدخله؟ يجيب مكناس أن الإدارة ترفض الدخول الفوري لغير الجهات الصحية المعتمدة «أما من يريد من الزبائن، فعليه الإخبار قبل ساعة لنجهز له أدوات الجولة من مراويل وعوازل تمنع نقل الأمراض».
انتهت الجولة. الانطباع عنها إيجابي عموماً. وبغض النظر عن الغاية التسويقية لـ«ماكدونالدز» من جولة كهذه، وهو حق طبيعي لها ما دامت تراعي الشروط الصحية كما تقول، فإن فتح باب المطبخ أمام الصحافة أو الزبائن لهو خطوة صحيحة. حبذا لو تنتقل عدواها إلى مطاعم أخرى، تستقطب هي الأخرى آلاف الزبائن يومياً.