البقاع ــ أسامة القادريتوفي علي رضوان (36 عاماً) في كسارة فتوش، دهسته جرافة خطأً أثناء تصليحها، بعدما «كرّت» عليه. حضر الصليب الأحمر اللبناني الذي امتنع عن نقل الجثة بعدما تأكد من الوفاة، طلب حضور الأجهزة الأمنية لمعاينة الجثة والجرافة. وصلت الشرطة القضائية برفقة الطبيب الشرعي، ورفعت البصمات والأدلة تمهيداً لفتح تحقيق في الحادث. حقّق مع عمال الكسارة، من بينهم جان ع. وجميل ح. فأفادا بأن الوفاة سببها خطأ عمل.
الوقائع المذكورة أعلاه لم تمرّ مرور الكرام في محيط بلدة قب الياس، حيث يسكن المتوفّى، فقد أثيرت استفهامات حول الحادثة بعدما تناقلت ألسن أن طبيعة الأرض حيث توفي رضوان مسطّحة، ومن غير الممكن أن تكرّ جرافة ضخمة بهذا الوزن الثقيل.
المعلومات المتداولة أكّدها مسؤول أمني لـ«الأخبار»، لجهة طبيعة الأرض المسطّحة، مع الأخذ بالاعتبار أن وزن الجرّافة الثقيل يشكّل استحالة أن تكرّ لتدهس رضوان.
الشكوك التي أثيرت عن حقيقة الوفاة قطعها جميل ح. بعدما سلّم نفسه لمخفر المديرج. اعترف جميل بحقيقة ما جرى، نافياً ما قيل في التحقيق من أن الجرّافة كرّت ودهست رضوان. كما أقرّ جميل بأنه كان على متن الجرافة عندما وقعت الحادثة، معرباً عن استعداده لتحمّل المسؤولية كاملة.
سمع صرخة فترجّل عن الجرافة، ليشاهد زميله تحت الدولاب
يقول والد جميل إن ولده لم يستطع تحمّل عذاب الضمير، ويضيف: «عاش يومان بحالة هستيريا، فعلي لم يكن زميل عمل فقط، بل كان بمثابة الأخ له». وأفاد الوالد لـ«الأخبار» بأنهما ذهبا معاً إلى المخفر عندما سلّم نفسه. ولفت أبو جميل إلى أن ابنه ليس مجرماً، مشيراً الى أن ما حصل كان قضاءً وقدراً. وعن أسباب إخفاء الحقيقة أثناء التحقيق معه، لفت الوالد الى أن ابنه نُصح بأن يقول إن ما جرى كان نتيجة خطأ عمل، خوفاً من ردة فعل أهل الضحية». كما تمنّى والد الموقوف على أهل الفقيد أن يؤمنوا بقضاء الله وقدره، مشدداً عليهم أن لا ينسوا أن «جميل وعلي كانا صديقين». وأشار الوالد الى أنه ينتظر جواباً من آل رضوان للسعي في المصالحة وقبول التعزية.
يشير أحد المقربين من القتيل إلى أنهم استغربوا تسليم جميل نفسه للدرك، ثم اعترافه بمسؤوليته عن وفاة زميله. وردّوا سبب الاستغراب الى أن الشكوك لم تكن تحوم حوله، بل كانت تدور حول «السبب الذي دفع مسؤول العمل وآل فتوش إلى السعي بإمكاناتهم المادية ونفوذهم لتغيير وجهة الحقيقة».
وفي الإطار نفسه، ذكر مسؤول أمني لـ«الأخبار» أن جميل سلّم نفسه عند الساعة الحادية عشرة والنصف من قبل ظهر أول من أمس، معترفاً بما حصل: «أثناء ركنه للجرافة قبل انتهاء العمل، سمع صوت صرخة. ترجّل عن متن الجرافة، ليشاهد زميله تحت الدولاب الأيسر. كان علي بين دولابي الجرّافة. بدأ جميل بالصراخ بحالة هستيرية، فحضر مسؤول العمل جان ع. وعمل على تهدئة جميل ثم جرى الاتصال بالصليب الأحمر اللبناني.
ولفت المسؤول المذكور الى أن مدعي عام جبل لبنان أمر باحتجاز جميل، لتحويله الى النيابة العامة بعد مرور 48 ساعة. فاسحاً بذلك المجال للمصالحة بين العائلتين.