فلننظر إلى أنفسنا أوّلاً
تعليقاً على مقال «الليبرالية حين تخرج عن طورها» («الأخبار»، 2/12/2009):
العنصرية جزء من تاريخ البشرية، وهي أمر موجود وسيبقى ما دام البشر موجودين. الهدف هو التقليل منها وطردها من الأماكن العامة (الإعلام، العمل، المدرسة، إلخ..)، لكنها ستبقى في رؤوس العنصريين. فنقد دول الغرب كما لو أنها الوحيدة التي تمارس العنصرية هو أمر خاطئ، لأن المثل ينطبق على أن من بيته من زجاج لا يرشق الناس بالحجارة.
نحن في بلادنا، لا نكتفي بالعنصرية في المجتمع، بل نتعداها إلى عنصرية قانونية وتمييز طائفي، عرقي، ديني وجنسي. ألا يوجد في بلاد الإسلام تمييز فاضح ضد غير المسلمين؟ ألا يعاقب الملحد بالقتل؟ ألا يخيّر الوثني بين الإسلام أو الموت؟ وماذا عن الطائفية عندنا في لبنان؟!
قبل أن يبدأ الأوروبيون المتاجرة بالعبيد، كان العرب (وفي قلب عاصمة الخلافة) من أكثر الناس متاجرةً بالعبيد واقتناءً لهم. الرقّ في السعودية مثلاً لم يُلغَ إلا في النصف الثاني من القرن الماضي... مئة عام بعد أميركا.
كلامي ليس شماتة أو دفاعاً عن الغرب... بل محاولة تصويب البوصلة نحو إصلاح مجتمعاتنا، لأننا إذا ما راقبنا الغرب دوماً وتذرّعنا بتصرّفاتهم من أجل تبرير أفعالنا في بلداننا، فسنبقى في تخلّفنا ورجعيتنا.
بعضهم عنصري في الغرب، هل هذا حجة لنكون عنصريين؟ أم هو دافع لنكون أفضل منهم بتحررنا وتسامحنا؟ هناك مثل يقول: من راقب الناس مات هماً.
معه حق توماس فريدمان في سؤاله. فإذا كان الإسلام بريئاً من تصرّفات كهذه، فلماذا نرى جزءاً من المسلمين يؤيّدونها ونرى أن من ينفّذها هم أكثر المسلمين تديّناً؟
صحيح أنّ هناك عنصرية من اليمين المتطرّف، ولكن، أحياناً، علينا أن نراجع أنفسنا وتصرّفاتنا. المشكلة ليست من جهة واحدة فقط، بل هي نتيجة تصرّفات من الأطراف جميعاً. أميركا سألت نفسها لماذا يكرهوننا... هل سألنا نحن أنفسنا لماذا يكرهوننا؟ لماذا صوّت أغلبية السويسريين ضد المآذن؟ هل هي مجرد عنصرية؟ لا. 57% من الشعب ليسوا عنصريين. هناك حتماً نسبة عنصرية، ولكنّ جزءاً آخر لديه مخاوف، على المسلمين أن يبدّدوها، أوّلاً بتصرّفاتهم قبل أقوالهم.
عبد القادر الحوت


من المحرر
تستقبل "الأخبار" رسائل القرّاء على العنوان الإلكتروني الآتي: [email protected]، على أن تنطلق الرسالة من أحد المواضيع المنشورة في "الأخبار"، وألا يتجاوز نصها 150 كلمة.