وزير العدل البروفسور إبراهيم نجار شديد التفاؤل بأن خطوات ستُتخذ لتطوير وزارة العدل والمرفق القضائي. يتحدث عن «كيميا» مع الرئيس بري، ويؤكد أن الحرب على الفساد في القضاء مستمرة، وأن الجهوزية تامة لإصلاح مبنى قصر العدل في بيروت... تفاؤله ينسحب على قضيّة التعيينات
اجراها: عمر نشّابة ــ محمد نزّال

لا يخفي وزير العدل إبراهيم نجار أنه فوجئ بإعادة تسميته وزيراً للعدل، يدرك أن كل التوازنات في الحكومة العتيدة ترجّح أن تكون التركيبة القائمة هي الأفضل، ويتحدث عن تمثيل «القوات اللبنانية» التي رشحته ومحازبيها، مشدداً على أن الكلام بينه وبين سمير جعجع «جعلني أشعر أنني بأمان من الناحية السياسية والعدلية والقضائية والضميرية».
يحمل الوزير نجار قناعة بأهمية «الدولة المركزية القوية، وأنه إذا أردنا دولة فإننا نحتاج إلى مؤسسات، وهذه الأخيرة تحتاج إلى عدلية وقضاء، وصدقية في العمل العام، وشفافية».
في إطار الكلام عن خطة العمل في الوزارة، يتحدث نجار عن مشروع تحديث الوزارة والمرفق القضائي. وهنا كان لا بد من سؤاله عن الشرارة الأولى التي أطلقها في حربه على الفساد في القضاء في لبنان، من خلال قرار عزل أحد القضاة، و«هل يمكن أخذ خطوة كبيرة بهذا الحجم قبل نيل الثقة بحسب النظام العام؟». يرد نجار بأنه تلقى قراراً نهائياً صادراً عن الهيئة العليا للتأديب، ويضيف أن هذا القرار لا يمكن نشره لأنه سرّي، وأنه «صدر وفقاً للأصول العادية المنصوص عليها في قانون تنظيم القضاء العدلي، دون الحاجة لأن يكون هناك حكومة، فهذا أمر قضائي محض ولا علاقة له بالسلطة التنفيذية». تحدث في هذا الإطار عن «17 حالة أخرى، ومن المتوقع بتّها خلال 3 أو 4 أشهر على الأكثر»، مشدداً على أنه يعتقد أن الحالة التي أُعلنت هي الأخطر.

التعيينات الإدارية

أما في ما يخص تعيين رئيس هيئة التفتيش، فقد بحث الوزير نجار الأمر مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان، كما بحث معه شغور منصب رئيس هيئة التفتيش القضائي، ومفوّض الحكومة في مجلس الشورى ورئيس ديوان المحاسبة.
لكن، ما هو المانع الذي كان قائماً وحال دون إجراء التعيينات؟ يجيب الوزير بأن «السبب هو أن هذه المسألة كانت تستلزم أكثرية موصوفة في مجلس الوزراء»، أما اليوم فالجميع يجب أن يعرف أن «الورشة الإصلاحية يجب أن تبدأ»، وقد كرّر الوزير تفاؤله، قائلاً «أنا أسعى بكل جهدي لكي نفصل هذا التعيين عن ذاك التعيين، وأن لا يكون هناك واحد مصرانه مربوطاً بالثاني».
لا ينفي الوزير نجار أن رئيس مجلس النواب نبيه بري كان لديه مرشح لرئيس ديوان المحاسبة، وهو متمسك به، ولذلك لم يتم التعيين في الحكومة السابقة، لكن نجار يأمل أن تزول كل العقبات مع الحكومة الجديدة. ويتحدث وزير العدل عن علاقة جيدة مع الرئيس بري «لعل الكيميا هي التي لعبت دوراً، ولعل ذكاء الرئيس بري كان له الأثر الكبير في إعجابي به، ولعل الرئيس السنيورة رجل يعرف الملفات بشكل دقيق وكامل، فأنا كان لي حظّ كبير في الفترة السابقة مع فخامة الرئيس ومع السنيورة وبري، واليوم لا أخفي أن لديّ أملاً كبيراً بأن التعاون مع الرؤساء الثلاثة سيكون مثمراً. بري كان وزيراً للعدل وهو محام، ويعرف أهمية هذه المواضيع، وقد استطعنا إجراء تشكيلات قضائية وتوزيع أعمال، وتعيينات في وزارة العدل، وكان هذا المرفق الوحيد في الجمهورية اللبنانية الذي استطعنا فيه إجراء التعيينات».
السؤال المتعلق بموعد تعيين رئيس ديوان المحاسبة لدى الدولة اللبنانية، يردّ عليه نجار بأن «صلاحية اقتراح رئيس ديوان المحاسبة تعود لرئيس الحكومة، قانوناً، وهذا الأمر غير متعلق بوزير العدل، لكني أقترح اسم رئيس هيئة التفتيش القضائي، وهو أول طلب طرحته على مجلس الوزراء»، ولا بد من الإشارة إلى أن الوزير نجار يؤكد اقتناعه «ليس فقط بالرئيس المقترح، بل بكل أعضاء هيئة التفتيش القضائي، ولديّ لائحة أسماء، وقد رفعنا مرتين اقتراحاً إلى رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة»، ويضيف نجار «الآن أنا مستعد لأن أعيد النظر في الاقتراح إذا ما لزم الأمر، وخاصة بعد مرور سنة ونصف على ذلك، إذ يمكن أن يكون هناك قضاة قد أحيلوا إلى التقاعد أو شملتهم التشكيلات أو توزيع أعمال»، لكنه يلفت إلى أن الأسماء المقترحة لا تتغير مع حصول تغيير سياسي «عندما نريد أن نكتب قانوناً لا أفهم شيئاً اسمه سياسة. السياسة تأتي لاحقاً عندما نتحدث عن المسارات الأساسية، مثل توجه الحكومة وفي البيان الوزاري».
ورشة التطوير تنطلق

قرار عزل قاضٍ أمر قضائي محض ولا علاقة له بالسلطة التنفيذية

أتطلع إلى الارتقاء بالمرفق القضائي من العصر الحجري إلى القرن الـ 21
في ما يتعلق بالسجون، يطالب الوزير نجار بإقامة مديرية عامة للسجون، غير المديرية الصغيرة الموجودة الآن و«الفارغة»، أما في موضوع ترميم قصر العدل في بيروت، فإنه يسرّ لـ«الأخبار» بأن رئيس الحكومة سعد الحريري قد أعطى تعليمات تؤكد جهوزيته لتلبية ما أورده نجار من إصلاح مبنى قصر العدل، «فبادرت أنا وأعطيت تعليمات بإرسال الدراسات والمعطيات التي لدينا إلى الحريري»، وهنا يوضح وزير العدل بأن الإصلاح المقصود هنا يعني فقط تدعيم المبنى، ولن يتطلب الأمر إخلاءه. ولكن ماذا عن

الورشة القائمة حالياً هنا؟

يجيب نجار بأنها ورشة مخصصة للمحكمة النموذجية، والدعم المادي يأتي من الـ USAID والصندوق الكويتي والصندوق الإسلامي والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي وبرامج الأمم المتحدة، وسينتهي العمل بالورشة بعد نحو 3 أشهر. في هذه المحكمة، سيعمل كتّاب يتعلمون على تقنيات جديدة، «وستكون المعلوماتية فيها جديدة كلياً، والأرشفة كاملة. وهناك منحة من الاتحاد الأوروبي لمكننة كل أعمال المحاكم في كل قصور العدل وربطها بعضها ببعض».
يبدو نجار شديد الحرص على تطوير المرفق القضائي، يقول «أتطلع إلى الارتقاء بالمرفق القضائي من العصر الحجري إلى القرن الـ 21». وفي هذا الإطار، يوضح بأن طلباً قد رفع في نهاية عهد الحكومة السابقة لشراء 50 جهاز كومبيوتر، وفي إطار «برنامج التنمية الإدارية يفترض أن يجري تأهيل مستمر لكل قاض»، وأن تصبح كل وسائل وخطوات العمل ممكننة. ويلفت نجار إلى أنه سيتم إرسال كتّاب ورؤساء أقلام إلى الولايات المتحدة، وذلك ابتداءً من شهر كانون الثاني، سيتدرّبون لفهم «معنى المكننة في أعمال المحكمة، ثم بدورهم يدرّبون الآخرين، وسيكون معهم مترجمون لأن بعضهم لا يتكلمون الإنكليزية».


صدر بيان عن اللواء جميل السيد يتحدث فيه عن 3 شكاوى قدمها أوائل عام 2008، لدى التفتيش القضائي، إضافة إلى دعويين جزائيّتين. نجار قال: «سألت التفتيش فقيل لي إن الشكاوى لديه، أما في ما يخصّ الدعويين، فأنا لا أتدخل في جلسات المحاكمة». وفي خصوص المؤتمرات الصحافية التي عقدها السيد وما ورد فيها، رأى نجار أنه لا يمكن أن يبني عليها أحكاماً، ولكنها يمكن أن تُعدّ إخباراً «لكن أنا كوزير لا يمكن أن انطلق من إخبار».