طموحنا اتفاق سياسي في كوبنهاغن • مشاركة الحريري إشارة سياسية مهمّة
• الوقت لا يسمح بإبرام معاهدة شاملة

أجراها: بسام القنطار
عشيّة استضافة الدنمارك لأكبر قمة عالمية بشأن تغيّر المناخ التقت «الأخبار» السفير الدنماركي في لبنان، يان توب كريستنسن، للاطّلاع على آخر المجريات، من وجهة نظر البلد المضيف، الذي يكابد من أجل الخروج بنتائج ملموسة. بعد الإجابات وردت خطية، بعد أن راجع آخر التطورات في بلاده

هل تشارك الأمين التنفيذي لـ«معاهدة الأمم المتحدة الإطارية حول تغيّر المناخ» إيفو دي بوير، تفاؤله بأنّ قمة كوبنهاغن ستخرج باتفاقية قانونية ملزمة؟
نعم! اسمحوا لي بأن أذكّركم، أنه منذ فترة ليست طويلة، كان دي بوير يعبّر عن نفاد صبره من بطء سير المحادثات، وكان على حق! العملية كانت بطيئة للغاية. لكنّ كثيرين، بمن فيهم الدنمارك، يعملون جاهدين من أجل التوصل إلى اتفاق طموح وواقعي، وأنا أدرك أنه كانت هناك آراء متشائمة إزاء مسار المفاوضات في الشهرين الماضيين، ولكن أعتقد اعتقاداً جازماً بأننا سنصل إلى اتفاق سياسي قوي في كوبنهاغن. يجب على هذا الاتفاق أن يكون طموحاً، ويجب أن يكون ملزماً أيضاً، ويجب أن يكون مبنيّاً على مبادئ مشتركة، ولكن على أساس المسؤولية المتباينة لكل دولة بحسب قدراتها.

تتحدث عن «اتفاق سياسي قوي»، ماذا عن المعاهدة القانونية الملزمة؟ وما الفرق بين الاتفاق السياسي والمعاهدة القانونية؟
الولايات المتحدة تدرك تماماً ما هو على المحكّ في هذه القمّة
إن إبرام معاهدة شاملة يعني الوصول إلى وثيقة قانونية تغطي جميع التفاصيل الجوهرية. الوقت لن يسمح لنا بذلك. ولكن أجد أنه من الواقعيّ جداً اليوم، في اللحظة التي تُعقد فيها الجلسة الافتتاحية للمؤتمر في كوبنهاغن، أن نطمح إلى الوصول إلى اتفاق سياسي قوي وطموح وملزم... أي اتفاق واضح ومحدّد.
هذا يعني أنه يجب أن يكون هناك التزام من جانب البلدان المتقدمة لإجراء خفوضات كبيرة في الانبعاثات، وأن يكون هناك خطوات من جانب البلدان النامية لاتخاذ إجراءات للتخفيف من آثار التغيّر المناخي.
يجب أن يكون هناك إطار قوي من أجل التكيف، ومن أجل الوصول إلى أحكام قوية تتعلق بالتمويل وبالتكنولوجيا، بما في ذلك التمويل المدفوع سلفاً للعمل في وقت مبكر من أجل التكيّف والتخفيف، والتكنولوجيا، وبناء القدرات.

شعار «اتفاق محدّد» هل هو اقتراح دنماركي لقمّة كوبنهاغن من أجل تفادي الفشل، الذي يُتوقع أن يحصل إذا جرى الخوض في التفاصيل، وتمسّكت كلّ دولة بمطالبها؟
«الأفضل هو عدوّ الجيد»، هذه نظرة كلاسيكية! الدنمارك بصفتها البلد المضيف، وبلدان أخرى كثيرة ظلت تعمل بجد على مدى الشهرين الماضيين، من أجل حدث تاريخي وناجح في كوبنهاغن. الاتفاق على نص معاهدة كاملة وتفصيلية ليس أمراً ضرورياً في الوقت الحالي من أجل تغيّر مسار تغيّر المناخ. ما يهمنا هو التوصل إلى اتفاق سياسي يحدّد الأهداف الطموحة والالتزامات. وهذا ما سوف نحصل عليه، وأنا على ثقة بذلك. عندما ننظر إلى الزخم السياسي، الذي حصل في الأسابيع القليلة الماضية، فإن الكثير من رؤساء الدول والحكومات لم يكونوا ليقرّروا السفر إلى كوبنهاغن، لو لم يكن هناك اتجاه للوصول إلى اتفاق ما في 18 كانون الأول، اليوم الختامي للمؤتمر.

هل تعتقد أنّ بإمكان الرئيس الأميركي باراك أوباما أن يقدّم أرقاماً واضحة في ما يتعلّق بخفض الانبعاثات وبالتمويل، فيما هو يواجه عراقيل واضحة داخل الكونغرس الأميركي؟
لمَ لا؟ الولايات المتحدة تدرك تماماً ما هو على المحك في هذة القمة. إذا نظرنا قليلاً إلى الوراء، يمكننا أن نرى كيف أن بلداناً، مثل الولايات المتحدة والصين والهند، أشارت بوضوح إلى الفهم الجديد لجديّة المشاكل، التي تواجه العالم برمّته جرّاء التغيّر
المناخي.
إن شعار «التغيير» الذي رفعته إدارة الرئيس أوباما أحدث ثورة في الولايات المتحدة، وخصوصاً عندما يتعلّق الأمر بالفهم، والتفكير في القضايا المتعلقة بتغيّر المناخ خصوصاً، والقضايا البيئية عموماً. ومن المهم أيضاً أن نلاحظ أن مجموعة البلدان الصناعية الكبرى وافقت أخيراً على أن درجتين مئويتين هما الحد الأقصى المقبول لارتفاع حرارة الأرض.
لذلك، فإنّ من الممكن الوصول إلى اتفاق سياسي طموح في كوبنهاغن. وهذا الاتفاق يجب أن ينصّ أيضاً على بذل جهد فوري وشامل للحد من الآثار السلبية لتغيّر المناخ، وهذا يتطلّب التمويل المسبّق، لا يمكننا أن نترك طاولة المفاوضات في كوبنهاغن من دون أن نرى الدول الكبرى، تضع أرقاماً على الطاولة، وبالتأكيد البلدان الصناعية الغنية يجب أن تقود الطريق في مجال التمويل.

هل هذا يعني أننا سنصل إلى مرحلة تكون فيها الالتزامات، التي توافق عليها الدول الصناعية، والدول النامية مثل الهند والصين، واضحة؟
نعم، من المحتمل أن نصل إلى هذه المرحلة. مجرد إلقاء نظرة على مؤشرات من عدد من البلدان الرئيسية، على مدى الأسابيع القليلة الماضية، سيُرينا أن مواقف هذه البلدان تقدمت تقدّماً هائلاً. وأنا على يقين من أننا سنرى اتفاقاً في كوبنهاغن، وجميع المراقبين والمحلّلين يعرفون أنه إذا لم نتّفق على أهداف طموحة في كوبنهاغن، فسيتعيّن علينا اتخاذ تدابير أكثر صرامةً في مرحلة لاحقة.

هل ستحدّد مجموعة الدول الأوروبية حجم التزاماتها على صعيد التمويل. وهل هناك رؤية واضحة وموحّدة لدى الدول الأوروبية، لعرضها على طاولة المفاوضات في كوبنهاغن؟
إذا لم نتّفق فسيتعيّن علينا اتخاذ تدابير أكثر صرامةً في مرحلة لاحقة
اجتمع وزراء مال الاتحاد الأوروبي في الآونة الأخيرة، واتفقوا على أرقام مالية مخصصة للبلدان النامية، لمساعدتها على التكيف مع تحديات تغيّر المناخ. ولكن من المهم أن تكون هذه الأموال التي خصّصت لتغيّر المناخ مستقلة، وأن لا تُحسم من المساعدات التي تخصّص للبرامج والمشاريع المتعلقة بالحدّ من الفقر، لأنّ من المهمّ أيضاً تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية، التي أعلنتها الأمم المتحدة، وقالت إنه يجب تحقيقها في غضون عام 2015.

عدد كبير جداً من رؤساء الدول سيحضرون قمة كوبنهاغن، ومثّل إعلان أوباما حضوره اليوم الأخير من المحادثات نفحة تفاؤل كبيرة، هل تتوقع حدوث مفاجآت على هذا الصعيد؟
أكثر من 100 زعيم سياسي أكدوا أنهم سيأتون إلى كوبنهاغن. وفي نهاية المطاف أكثر من 120 رئيس دولة ورؤساء حكومات سيحضرون الأسبوع الأخير والفاصل من القمة.
أصبح من المؤكد وجود أوباما في كوبنهاغن يوم الجمعة 18 كانون الأول، رئيس وزراء الهند أكد حضوره أيضاً، والزعماء السياسيّون من الصين والبرازيل وجنوب أفريقيا والدول الأوروبية، وغيرهم بالفعل أكّدوا حضورهم، وحجزوا غرفاً في الفنادق. هذا الحضور الرفيع المستوى يدفعنا إلى المزيد من التفاؤل، ولكن بالتأكيد 18 كانون الأول، هو اليوم الفاصل.
علاوة على ذلك، يسرني جداً أن رئيس الوزراء سعد الحريري سيكون على رأس وفد لبناني كبير يشارك في كوبنهاغن، بما في ذلك عدد من الوزراء. إنها إشارة سياسية مهمّة جداً، وهذا يعني أن تغيّر المناخ يؤخذ على محمل الجد من جانب الحكومة الجديدة، وهذا يبشّر بالخير بالنسبة إلى المستقبل في لبنان.
من المهم أيضاً مشاركة منظمات غير حكومية، مثل رابطة الناشطين المستقلين «إندي آكت»، والمنتدى العربي للبيئة والتنمية، وغيرهما من الناشطين على المستوى غير الحكومي. يمكن لبنان أن يستفيد استفادة كبيرة من المؤتمر، وأن يبحث في سبيل المضيّ قُدماً نحو تحقيق نمو اقتصادي منخفض الكربون. لقد خطّط الدنمارك جدّياً، وعلى أعلى مستوى، وهناك العشرات من الأنشطة التي تقام بالتزامن مع المؤتمر، ويمكن الحصول على كل المعلومات عبر شبكة الإنترنت، وبلغات عدة، ومنها اللغة العربية أيضاً http://ar.cop15.dk


نصائح من جار «بيت الوسط»