تغير المناخ في الشارع اللبناني: «عيش يا كديش»
قاسم س. قاسماترك هالشغلات للأجانب الفاضيين البال وروح فتش على مستقبلك
هكذا، يذهب رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري اليوم إلى كوبنهاغن لتمثيل اللبنانيين في المؤتمر العالمي، لكن غالبية من يمثلهم، لا يدركون فعلياً أن «السما الزرقا» مثقوبة في طبقة الأوزون، وهي لذلك لن تحميهم كفاية. أكثر من ذلك، أغلبهم لا يهتم بالمخاطر المحتملة لهذه التغيرات وتأثيراتها عليهم. مجموعة من الشبان تلتقيها في أحد مقاهي شارع الحمرا. صوت فيروز يملأ فضاء المكان مضفياً حرارة على جلستهم. تسألهم عما تعنيه لهم مشكلة التغير المناخي الذي يحاول ممثلو الدول إيجاد حلّ لها في مؤتمر كوبنهاغن. يعم الصمت المكان، ينظر بعضهم إلى بعض، يسألك أحدهم «شو بيصير يعني إذا ارتفعت الحرارة؟». تعيد شرح الظواهر مجدداً، من انتشار الأوبئة لانقراض بعض الحيوانات، إلى طوفانات المجاري الصحية، وارتفاع منسوب البحر لدرجة أن جزءاً من بيروت سيغرق في الأمد القريب، واحتمال غرقها تحت الماء في المستقبل البعيد. يلتفت بعضهم إلى بعض مجدداً، ليقول أحدهم «والله قلقتني! ما كنت عارف هلقد خطير». يبدأ الشاب العشريني بالتفكير بحلول «فردية»: فبما أن المناطق القريبة من البحر ستغرق فالحل «برجع على الضيعة». إذاً الهرب من الأمكنة التي ستتأثر بتداعيات الأزمة البيئية. أما أماكن لجوئهم الجديدة فهي الأماكن المرتفعة «منسكن بعاليه أو بصوفر، هيك ما بتوصلنا الفيضانات» كما يقول أحد الشباب. ثم يسأل زميله «معقولة هيدا هو يوم القيامة يلي بيحكونا عنو»؟ فيجيبه الآخر «إيه معقول والله، يعني أمراض وفيضانات، وتصحر».هكذا، أصبحت الأزمة البيئية «بروفة» ليوم القيامة. أما سبل مواجهة هذه المشكلة وإيجاد الحلول المناسبة لها فهو «مش بإيدنا بدك الدول الكبيرة تطلع بالحل». لكن هل الحل موجود بالفعل لتأخير ما اعتبروه «يوم القيامة». يجيب أحد الشباب «الدول الكبيرة عندما تقرر أن تجد الحل فهي قادرة على ذلك، ولا أعتقد أن سيجارتي تؤثر بالتغير المناخي، لذلك لست مضطراً للتفكير بالحل، فليجمعوا المال لتدارك المشاكل». أصبحت الأزمة البيئية «بروفة» ليوم القيامة تواجه بصلاة الاستسقاء
يفتح ردّه هذا باب النقاش مجدداً فيعلق أحد أصدقائه «لازم تفكر بغيّرك، افترض أهلك عايشين بالبلاد المتأثرة بالتغير المناخي شو بتعمل؟». يصمتون بانتظار جوابه، «خلص غيّروا الموضوع. شو بيضمن نضل عايشين لوقتها؟ وبالمناسبة بعد 25 سنة أكيد ما رح كون بلبنان حتى حس بالمشكلة، بكون بشي دولة محترمة حالها!» متناسياً أن «الدول اللي بتحترم حالها» لا تحترم مصانعها أو أسلوب استهلاكها البيئة. تترك الشباب بعد قرار تغيير الموضوع، لتصعد في سيارة أجرة. تلاحظ أن عين سائق التاكسي على السماء بدل الطريق. تسأله «خير، يا حج في شي»؟ يجيبك «سبحان الله صرنا بكوانين وبعد ما في شتي». (يوم الجمعة الماضية) يجرّك جوابه للنقاش، «يمكن كرمال التغير المناخي يلي عم يحكوا عنوا». «لا يا ابني أستغفر الله، شو خصّ». تستفسر عن سبب استغفاره الله فيقول «هيدي الاشيا بإيد الله». تحدثه عن ذوبان الجليد وارتفاع منسوب البحار. تخبره عن الاحتباس الحراري وتأثيره على كمية تساقط الأمطار. ينظر إليك مستغرباً ليقول «يا ابني برجع بقلك الشتي بإيد الله مش بإيدنا أيّ تغيّر مناخ عم تحكي عنو». ليضيف «مش سامع بصلاة الاستسقاء؟ ليش في صلاة كرمال الشتي إذا الشي مش بإيد الله؟». تصمت، فتسمع عبارة «سبحان الله» كإشارة موافقة من الراكبة في المقعد الخلفي في السيارة. ثم يعاود السائق حديثه «من الممكن أن ما تقوله صحيح، ومن الممكن أن يكون الاحتباس الحراري الذي تتحدث عنه هو المسؤول عن قلة المطر، لكن لدينا مشاكل أهم من البيئة وما سيجري لنا: بدنا نعيش، اترك هالشغلات للأجانب، هيدول فاضيين البال روح فتش على مستقبلك». يظن أنه «أفحمك» ما دمت لم تحر جواباً. فسؤالك ينمّ عن أنك إنسان فاضي البال وجلّ اهتمامك هو «إذا ارتفعت الحرارة درجة أو تنين»، بينما هو «بدنا نلاحق الرزقة، وغلاء البنزين، وبتجيك ضربة بالسيارة، وبعدك عم تحكيني بالبيئة».