في ظلّ ترميم مبنى كلية الآداب والمبنى القديم لمعهد العلوم الاجتماعية ــ اللبنانيّة في طرابلس، تحوّلت الجامعة مساحة تطغى عليها الأتربة والوحول، وتشارك الطلاب مداخل قاعاتهم مع عمال البناء
إيلي حنا
لم يهنأ طلاب كليتي الحقوق والآداب بانتقال معهد العلوم الاجتماعية إلى مبنى مستقلّ خارج حرم الجامعة اللبنانية في الفرع الثالث في طرابلس. فبالرغم من انخفاض عدد الطلاب في الحرم الذي يضيق بقاصديه أصلاً، والعمل على إعادة تأهيل قاعات مبنى العلوم الاجتماعية ليخفف الضغط عن قاعات كلية الآداب والعلوم الإنسانية المكتظة (زهاء 6000 طالب وطالبة تسجّلوا هذه السنة)، أتت الأيام الأولى للعام الدراسي عكس التوقعات، إذ فتحت الجامعة أبوابها في آن واحد للطلاب ولورشة ترميم الأبنية وتغيير المقاعد الدراسية وتوفير مساحات عازلة للأمطار في باحة الجامعة. «لم أتعجب لهذا المشهد، قدّمنا امتحانات الدورة الثانية منذ فترة والحالة كانت مشابهة، وبالطبع لم أتوقع انتهاء الورشة مع السنة الجديدة»، تقول الطالبة ريما الكردي. فيما تتأفف زميلتها سينتيا التي نجحت في جميع موادها من الدورة الأولى، على أمل انطلاق عامها الدراسي الثاني و«كلّو جديد بجديد، من داخل الصفوف إلى شكل المبنى الخارجي». أما حبيب محمد وأصدقاؤه الثلاثة، فلا يعيرون أي اهتمام لكتل الاسمنت والأشغال المنتشرة في الجامعة، فهم لا يهتمون سوى بما تمّ من تجهيز للقاعات بمقاعد جديدة ومريحة، «غير هيك من الصف للبيت أو الكافيتريا، لو كان الملعب جنة ما بينقَعد فيه لأنو أصلاً ما في محل للكل»، كما يضيف حبيب. وبينما تجد هنادي، طالبة الأدب الإنكليزي صعوبة في الوصول إلى صفّها بسبب برك الوحول المنتشرة مع كل تساقط للأمطار، «تستمتع» زميلتها رشا بهذه المغامرة «لأنها جزء لا يتجزأ من أي كلية في الجامعة اللبنانية».
يصعب على العديد من الطلاب التحدث عن الورشة التي تشاركهم يومهم الجامعيّ دون انتقاد الإدارة والقيّمين عليها، ولعن «حظهم الذي وضعهم في جامعات كهذه»، كما يردد معظمهم. فنظرية المؤامرة التي تفوح منها رائحة الهدر والفساد لا تغيب عن ذهنهم. في المقابل، هناك جزء لا بأس به منهم يرى أنه «مع إدارة الجامعة في خندق واحد في مواجهة سياسة الحكومات غير الداعمة للجامعة الوطنية وحتى المتجاهلة وجودها ودورها»، وبالتالي من الظلم توجيه أصابع الاتهام لإدارة الكلية. من جهته، يؤكد مدير كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الدكتور سجيع جبيلي، أن الانزعاج من الأشغال ينسحب على الإداريين والأساتذة فهي «شرّ لا بد منه»، بينما يرى أن «الأعمال ماشية على قدم وساق». وبحسب الاتفاق المبرم مع المتعهد، فإنّ الأعمال سوف تنتهي خلال ثلاثة أشهر حدّاً أقصى في مبنى كلية الآداب. كذلك، أكد أن حديقة الجامعة سوف تفتح هذا العام بعد الاتفاق مع بلدية طرابلس على تنظيفها بعد إغلاقها لسنوات متعددة. وبعد الحديث عن المصاريف السنوية التي تتكبدها الميزانية المخصصة للجامعة اللبنانية في ما يتعلق بالإيجارات المرتفعة لأبنيتها أو بأعمال الترميم المتكررة، سألنا جبيلي عن أي جديد بما يخصّ المبنى الجامعي الموحد، فجاء ردّه العفوي مع ابتسامة ساخطة، «إن شالله على دور ابنك».



أكد مدير كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الدكتور سجيع جبيلي، أنه كان من المفترض أن ينتهي متعهد ترميم مبنى العلوم الاجتماعية من عمله منذ نحو أسبوعين، لكنه خالف الاتفاق بعدما ساق حججاً متعددة، كصعوبة العمل في شهر رمضان، ثم وفاة أحد أقاربه