شكا مواطن غرامة وهمية حُرّرت في حقه فيما كان خارج البلاد، فدفعها لتسجيل سيارته. كما اشتكى آخر من تعرفة ميكانيك وغرامة تأخير 3 سنوات، رغم أن سيارته كانت مسروقة، شاكياً تلكؤ رجال الأمن
رضوان مرتضى
غادر م.ص. (54 عاماً) لبنان إلى لندن قبل أكثر من 35 عاماً. أكمل دراسته هناك وتخرّج محاسباً قانونياً. تزوّج في لندن، ثم انتقل إلى العمل في أبو ظبي قبل أن يقصد كندا حيث قضى 3 سنوات. لم تنته رحلة اغتراب م.ص. فقد قصد المملكة العربية السعودية قبل نحو ثماني سنوات، وقد استقر فيها.
قرر م.ص. أن يمضي عطلة عيد الأضحى الأخير في لبنان. تقدّم بطلب استحصال على دفتر قيادة، لكنه أثناء تسجيل سيّارته في مصلحة تسجيل السيّارات في المكلّس، فوجئ بمطالبته بدفع «متأخرات» وغرامة صادرة في حقه بقيمة 360 ألف ليرة، تعود إلى عام 2000. أوضح له الموظّفون أن المتأخرات تتعلق بدرّاجة نارية مسجّلة باسمه، وأنه تقدّم ببلاغ عن سرقتها في ذلك العام.
لم يصدق م. ص. ما كان يسمعه، وقد ردد أمام هؤلاء الموظفين بأنّه قضى معظم حياته مغترباً، ولم يكن في لبنان في التاريخ الذي حُرّرت فيه الغرامة في حقّه، وأضاف أنه لم يقتنِ دراجة نارية طوال حياته.
لم يصدق الموظفون رواية المغترب، فالأوراق الموجودة أمامهم تروي قصصاً أخرى، وهم يعتمدون على الأوراق الرسمية فقط.
أفهم موظفو الدائرة م.ص. أنه مجبر على دفع المبلغ المتوجّب عليه «وإلا لن تسجّل السيّارة»، وافق الرجل الخمسيني مكرهاً على دفع غرامة لا ذنب له فيها.
صاحب السيارة المسروقة طلب منه دفع غرامات الميكانيك المتراكمة
ر.ر. بعدما ركنت سيارتها، صعدت إلى المنزل. قضت ليلتها فيه ثم نزلت في اليوم التالي فلم تجد السيارة. بحثت عنها بلا جدوى، أدركت أن السيارة سُرقت، فقصدت مقر فصيلة الدرك في طريق الجديدة. وهناك تقدّمت ببلاغ.
وقعت السرقة قبل حرب تموز بنحو شهر، بتاريخ 6/6/2006 تحديداً. بعد مرور سنة وثمانية أشهر، رنّ هاتف والد ر.ر. ليأتي صوتٌ يخبره بأنه اشترى سيّارة ابنته من «بورة حجز» في منطقة الكفاءات. عرّف نفسه باسم ر.أ.، وسأل والد ر. ر. إن كان يرغب بمعاودة شراء السيارة، مضيفاً أنه دفع أجرة «أرضية السيارة» في البورة المذكورة. طلب الوالد مهلة ليفكّر، وعندما أقفل الخط، قصد المخفر فوراً، وزوّد رجاله باسم الشخص المتّصل ورقم هاتفه، لافتاً إلى أن سيّارة ابنته المسروقة موجودة بحوزة أحدهم في منطقة الكفاءات، فوجئ الوالد برد الضابط: «أحضرها بنفسك، لأننا لا ندخل إلى تلك المنطقة!».
مرّ يومان على الاتصال الأول. رنّ الهاتف ليأتي صوت ر.أ. ويردد أمام والد ر.ر.: «مكسور على السيارة ثلاث سنين ميكانيك». سأله الوالد عن المطلوب، فأجاب صاحب الصوت: «إذا ممكن تساهم بجزء من المبلغ البالغ 600 ألف ليرة». ردّ الوالد طالباً إليه القدوم إلى مخفر طريق الجديدة لتسوية الموضوع. أقفل صاحب الصوت الخط ولم يتّصل مجدّداً.
ثلاث سنوات مرّت منذ سُرقت السيّارة. قصد والد الفتاة قبل ستة أيام مصلحة تسجيل السيّارات «النافعة» ليحوّل سجل السيارة إلى ما يعرف بـ«الإنقاذ»، فأخبره بعض الموظفين بأن عليه دفع المتأخّرات المتوجّبة على سيّارته منذ ثلاث سنوات. روى لهم بأن سيّارته لم تكن بحوزته طوال هذه المدّة بل كانت مسروقة. غادر والد الفتاة دون أن يدفع المتأخّرات المتوجّبة عليه، فهو يرى أن كل ما حصل معه غير منطقي: «سُرقت سيّارتي وأراد سارقها أن يبيعني إياها... كيف يعقل أن يطلبوا مني دفع غرامات عن سيّارة مسروقة منذ أكثر من ثلاث سنوات». يُذكر أنه بعدما سُرقت السيارة، قرر والد ر. ر. أن يُطالب الجهات الرسمية بتوقيفها عن السير قانوناً، لكن الموظفين المعنيين رفضوا تلبية طلبه، لأن السيارة قيد الملاحقة.
من المسؤول عن الأخطاء التي يُطلب من م.ص. ور.ر. أن يدفعا ثمنها؟
لماذا يصعب تصحيح الأخطاء المماثلة، والتعرف إلى المسؤولين عن ارتكابها بدل أن يتحمل المواطنون مسؤوليتها؟