مهى زراقطأكثر من 40 ألف رابط إلكتروني سيعرّفك بالدكتور وليم الزغبي إذا كتبت اسمه باللغة الإنكليزية على «غوغل». أما إذا كتبت الاسم باللغة العربية، فلن تحصل إلّا على روابط تزوّدك بآخر أخبار المطربة اللبنانية نوال الزغبي! هذه الملاحظة غير جديدة في عالمنا العربي، لكنّها أيضاً ليست عابرة في حديثنا عن وليم الزغبي. هذا الاختصاصي في أمراض القلب، يضحك كثيراً حين نخبره أن لا معلومات عنه باللغة العربية على الشبكة الإلكترونية. الزغبي الذي كان يزور لبنان للمشاركة في مؤتمر عن أمراض القلب، لا يُزعجه هذا الأمر البتّة: «أنا معروف في الدائرة المتعلقة باختصاصي. ولديّ صداقات مع معظم أطباء القلب في لبنان. أما خارج هذه الدائرة، فلا أعتقد أنّ كثيرين يعرفونني».
كثيرون لا يعرفون أن الزغبي هو العربي الأول الذي انتُخب منذ يومين نائب رئيس «الجمعية الأميركية لأمراض القلب»، التي تضم 37 ألف عضو من الولايات المتحدة ومختلف دول العالم. ويُتوقع أن يتولى رئاستها عام 2012. هذا المنصب يُعدّ الأهم في أميركا، الذي يمكن أن يحتلّه أي اختصاصي في طبّ القلب.
احتل الزغبي أيضاً، عام 2008، منصب رئيس «الجمعية الأميركية للتصوير الصوتي للقلب» أو الـ ASE، التي تضم 15 ألف عضو. علماً بأنّ المؤتمر الذي عُقد أخيراً في لبنان، يندرج ضمن نشاطات تلك الجمعية.
وُلد الزغبي في بيروت منتصف خمسينيات القرن الماضي. درس في مدرسة الحكمة في الأشرفية، وكان ترتيبه الخامس في لبنان في الامتحانات الثانوية، قسم الرياضيات. كان يرغب في دراسة الهندسة، لكنه غيّر رأيه بعدما استشار عدداً من زملائه الذين تخرجوا قبله، فاختار الطب. في عام 1973، انتسب الزغبي إلى «الجامعة الأميركية في بيروت». وهو يصف اليوم هاتين السنتين الإعداديّتين للطبّ بالمرحلة السعيدة: «كانت فترة جميلة جداً، وكنا مقرّبين من بعضنا بعضاً كطلّاب». لكن الوضع اختلف بين عامي 1975 و1977. اندلعت الحرب، فاستحال الاستمرار في الدراسة. يتذكر أن كلّ أقسام الجامعة أُقفلت باستثناء كلية الطب. «درسنا في ظروف صعبة جداً. فقد تركنا غرف النوم بعدما تعرّضت للقصف، وجُرح عدد من زملائنا، وأقمنا في مبنى العلوم، حيث لم تكن هناك أماكن تتسع لنوم الجميع. أتذكّر أني اخترت زاوية في ممرّ المبنى وفصلتها بشرشف أبيض. كان عليّ لكي أصل إلى قاعة المحاضرات، أن أزيح الشرشف بيدي وأمشي خطوات معدودة فقط».
في عام 1977، «أُجبر» الزغبي على مغادرة لبنان ومتابعة دراسته في أميركا. كانت زميلته هدى الهبري التي ستصبح زوجته عام 1983، قد سبقته إلى هناك. انتسب إلى كلية الطب في «كلية ميهاري الطبية»، ثم انتقل إلى «جامعة غالفيستون»، ثم «جامعة بايلور»، التي درّس فيها لاحقاً، وأنهى تخصصه في أمراض القلب عام 1985. وبذلك أنهى الزغبي مرحلة تردّد طويلة. إذ حار دوماً قبل اختيار التخصص في القلب، وكان ميّالاً إلى طبّ الأعصاب. لكنّ إعجابه بتكوين القلب وآلية عمله، حسم الأمر: «شعرت بأني أستطيع أن أكون خلّاقاً في هذا المجال».
يؤكد الزغبي أن قرار السفر إلى أميركا لم يكن سهلاً: «لولا الحرب، لما غادرتُ لبنان. في الوقت عينه، أعتقد أن هذا القرار هو الذي وفّر لي القدرة على إنجاز الأبحاث». بعد تخرّجه من الجامعة، عاين المرضى، لكن عمله الأساسي تركّز على الدراسات. «أجريت عدداً من الأبحاث استخدمتُ فيها أجهزة التصوير الصوتي لفهم آلية عمل القلب. كان همي الإجابة عن سؤال أساسي: كيف نكون قادرين على تشخيص أمراض القلب من دون إدخال أي شيء إلى الجسم، أي «ميل» أو غيره. في بداية دراستي، كان الميل يُستخدم لكلّ أمراض القلب». لذلك، تقول زوجته التي حضرت اللقاء، إنّ أحد أبرز إنجازاته الشخصية «هو شرح كيفية تشخيص أمراض الصمامات من دون الحاجة إلى ميل».
الأمر الثاني الذي لا يقل أهمية، هو حسن تقدير العملية المناسبة للمرض، وتحديد نسبة نجاحها. يقول الزغبي: «كنّا نفكر في أنّه إذا تعرّض المريض لذبحة قلبية، أو أصيب بتضخّم في القلب مثلاً، فهو لن يكون قادراً على التحسّن. لكننا اكتشفنا كيف نستطيع أن نشخّص إن كان القلب قادراً مجدّداً على التحسن بعد التعرض لأزمات مماثلة. بناءً عل ذلك، صار بإمكاننا أن نقرر العملية المناسبة، وحجم الخطر الذي يهدّد حياة المريض».
سنوات طويلة من العمل في هذا المجال، خوّلت الزغبي احتلال منصب رئيس «الجمعية الأميركية للتصوير الصوتي للقلب» عام 2008. تضم هذه الجمعية 15 ألف عضو، وتكمن أهميتها في أن مقرّراتها تعدّ مرجعاً رئيسياً لأطباء القلب، وعنها تصدر عناوين الأبحاث التي يجب الاستمرار في العمل عليها وتطويرها. كما أنها تجدّد الإرشادات الواجب اتباعها من جانب الأطباء، ووضع المعايير المعتمدة للوصول إلى التشخيص المناسب. إضافةً إلى ذلك، تساعد الجمعية على تنظيم مؤتمرات في أميركا والعالم، وتموّل الأبحاث، «وقد قدّمنا نحو 3 إلى 4 ملايين دولار خلال سبع سنوات».
الزغبي الذي يحرص على زيارة لبنان مرة في السنة على الأقل، يبدي إعجابه بالوضع الطبي في لبنان، والتسهيلات التي يقدّمها أيضاً. «المعدات والكفاءات متوافرة هنا. طبعاً، أنا أحكي عن بيروت، لكن قد يكون الوضع مختلفاً في الأطراف والضواحي. أما العنصر الذي يحتاج إليه لبنان، فهو «القدرة على إجراء دراسات لتطوير التقنيات». من خلال موقعه، يؤكد الزغبي توافر فرص للتعاون بين أميركا ولبنان: «ما استطعنا القيام به هذ المرة أننا اشتركنا مع «الجمعية اللبنانية لأمراض القلب» في تنظيم المؤتمر، الذي جئتُ إلى لبنان اليوم لحضوره. على مدى ثلاثة أيام، جمعنا 250 طبيباً، وشرحنا لهم كيفية عمل الأشعة الصوتية لتشخيص أمراض القلب. كانت المشاركة واسعة، والأسئلة جيدة. وشخصياً، سُررت كثيراً بهذا التعاون، وقدّمنا إلى الأطباء ما يريدونه». بعيداً عن الطب، تحتل العائلة أولوية في حياة الزغبي، يليها العمل وهوايات صغيرة: التصوير، العزف على البيانو، الرياضة... ولا ننسى طبعاً الاهتمام بالحديقة الصغيرة أمام منزله، حيث يزرع الورود وبعض أنواع الخُضَر التي تستفيد منها زوجته في إعداد الطعام اللبناني!


5 تواريخ

1955
الولادة في لبنان

1973
الانتساب إلى الجامعة الأميركية
في بيروت

1977
السفر إلى أميركا
لإكمال الدراسة

2008
انتُخب رئيساً
لـ«الجمعية الأميركية للتصوير
الصوتي للقلب» ASE

2009
انتُخب نائب رئيس «الجمعية الأميركية لأمراض القلب» ACC