يحتفل لبنان اليوم بذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بالطريقة السنوية التقليدية نفسها، فتقام الاحتفالات الخطابية نفسها التي تلتزم بشعار تختاره الأمم المتحدة، وتطلب من المحتفلين أنفسهم أن تتمحور أنشطتهم حوله
بسّام القنطار
رغم أن العديد من المدن حول العالم ستشهد تظاهرات ضخمة لمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، فإن الطابع الخطابي سيطغى على احتفالات لبنان هذا العام، ما يظهر تراجعاً في دور «الفئات المتضررة» التي كانت تعبّر عن قضاياها على الأقل في هذا اليوم، من خلال اعتصامات وتظاهرات، ونشير تحديداً إلى أهالي المعتقلين والمفقودين.

في نقابة المحامين احتفال ستتحدث فيه النقيبة الجديدة أمل حداد، ورئيس المجلس الدستوري القاضي عصام سليمان، وممثلون عن هيئات الأمم المتحدة. وفي المركز الثقافي الفرنسي احتفال يتضمن وضع لوحة تذكارية تحمل نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان «الذي صدر في باريس عام 1948» حسبما شدد بيان للسفارة الفرنسية أمس. وتحضر الحفل مؤسسة حماية طفل الحرب والهيئة اللبنانية للحقوق المدنية اللتان كانتا قد حصلتا على جوائز من الجمهورية الفرنسية في مجال حقوق الإنسان. أما الجمعية اللبنانية للأسرى، التي أنشأها حزب الله عام 2000، فتحتفل بالمناسبة بلقاء تضامني في نقابة الصحافة مع ضحايا الحروب الإسرائيلية.
ربما كان مكتب المفوّض السامي لحقوق الإنسان وأسرة الأمم المتحدة في لبنان، الوحيدين اللذين سيخرجان من «صف الكلام»، بلقاء في جامعة القديس يوسف، سيقدم شهادات حية لأشخاص عانوا من التمييز، بالطبع بعد الكلمات الرسمية، ويدير اللقاء الزميل غسان بن جدو.
مركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب، دعا بدوره إلى طاولة مستديرة، في فندق جفينور روتانا، لمناقشة تحضيرات لبنان لتقديم تقرير يتضمن استعراضاً دورياً شاملاً عن حالة حقوق الإنسان، إلى مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة أواخر عام 2010.
ويشير الأمين العام للمركز محمد صفا إلى أن اللقاء يهدف الى حثّ المجتمع المدني على المشاركة الفاعلة في إعداد تقرير موازٍ، والمشاركة في صياغة التقرير الوطني ووضع ملاحظاته عليه.
ويُعدّ الاستعراض الدوري الشامل من الآليات الجديدة التي أنشأتها الأمم المتحدة، حيث يستعرض من خلاله مجلس حقوق الإنسان أداء كل دولة لالتزاماتها وتعهّداتها.
ويشير مدير المكتب الإقليمي لحقوق الإنسان فاتح عزام الى أن المفوضية السامية لحقوق الإنسان تقدم المساعدة التقنية الى الحكومة اللبنانية لمساعدتها على كتابة التقرير وفق الآلية المعتمدة في الأمم المتحدة، حيث من الضروري أن لا تتجاوز صفحات التقرير 20 صفحة مطبوعة للحكومة و10 صفحات لمؤسسات حقوق الإنسان الوطنية، وهنا تقع الإشكالية الكبرى! إذ إنه لا مؤسسات من هذا النوع في لبنان برغم وجود العديد من الجمعيات التي تعمل تحت هذه اللافتة. والسبب أن هناك آلية في الأمم المتحدة لتصنيف مؤسسات حقوق الإنسان الوطنية، يجري اعتمادها بطريقة رسمية من قبل المنظمة الدولية، وتصدّق عليها حكومة البلد الذي تنتمي إليه المجموعة. ولا توجد أي مؤسسة بهذه الصفة حالياً في لبنان. ولولا تمويل الاتحاد الأوروبي لما أمكن الحديث أصلاً عن مؤسسات فاعلة في مجال حقوق الإنسان في لبنان.
الموظفة في وزارة الخارجية اللبنانية ميرنا خولي تتابع ملف التقرير، وقد أكدت في اتصال مع «الأخبار» أن الوزارة لم تتخذ بعد قراراً رسمياً بشأن آلية كتابته، علماً بأنها أعدّت مراسلات الى الوزارات المعنية تمهيداً لإعداده.
كل ذلك يوحي أن لبنان، الذي يحتفل باليوم العالمي لحقوق الإنسان، ليس مهيّأً بعد لاستحقاق تشرين الثاني المقبل، لمراجعة سجلّه في حقوق الإنسان، علماً بأن التقارير الدولية تصنّف لبنان في مراتب متدنية في العديد من الحقوق الإساسية، ولا سيما موضوع التمييز الذي بات صفة ملازمة لنظام لبنان الطائفي، وفي حقوق اللاجئين الفلسطينيين والالتزام بالاتفاقيات الدولية المتصلة بحقوق الإنسان التي أصبح عضواً فيها، وفي تخلفه عن مواكبة العديد من الاتفاقيات الجديدة وتوقيعها والتصديق عليها.