أهالي عيتا الفخّار البقاعية عطشى. الأمر ليس طارئاً، فالبلدة البقاعية النائية تعيش منذ شهرين شحّاً في مياه الشفة بسبب عطل طرأ على «موتير» سحب المياه من بئر لوسيه. أما السبب، فيعود إلى تخلّي البلدية ومصلحة مياه شمسين عن مسؤوليّاتهما في إصلاح العطل
البقاع ــ أسامة القادري
شهران. لا يوم ولا يومان ولا أسبوع. شهران وما زالت بلدة عيتا الفخار في البقاع الغربي، تعيش الظمأ جراء انقطاع مياه الشفة عنها باستمرار، بعدما طرأ عطل على «موتير» سحب المياه من البئر وضخّها من بلدة لوسيه المجاورة إلى الحيّ «التحتاني» للبلدة، ما زاد الأكلاف على المواطنين. كأنه لم تعد تكفي أبناء البلدة البقاعية النائية تكاليف التدفئة وأقساط المدارس، لتضاف إليها مشكلة العطش وانقطاع المياه، بسبب لامبالاة المعنيين. وأمام هذا الواقع، لم يجد الأهالي سبيلاً سوى الاعتصام والمطالبة بإنقاذهم من العطش. لكن، حتى هذه الاعتصامات التي نفّذوها مراتٍ عدة عند مفترق بلدتهم، في بيادر العدس، لم تأتهم بجدوى، سوى بتقاذف المسؤولية بين مصلحة مياه شمسين والبلدية. فمصلحة المياه غير قادرة على إصلاح الأعطال في «موتيرات المياه» بحجة «أن الإمكانات المادية للمصلحة لا تسمح لها بصيانتها». وفي المقابل تتملّص البلدية من المسؤولية بحجة أن إصلاح الأعطال لا يدخل في إطار صلاحياتها.
لا أحد مسؤولاً. لكن، «مش مهم مين المسؤول، المهم تجي المي»، هكذا يختصر الأهالي موقفهم من هذا النقاش البيزنطي، وهو ما يقوله الحاج أحمد صبح، مضيفاً بعصبيّة «يا عيب الشوم موتير صرلو معطّشنا شهر... شو ما بيصلحوا إلا إذا كان في جبنة؟»، في إشارة إلى الرشوة.
تطوّعت مجموعة من شباب البلدة لجباية خمسة عشر ألف ليرة بدل مصاريف مازوت من كل منزل
ويحكي محمد حسين من أبناء البلدة أن مولّد «بئر لوسيه» كان قد طرأ عليه عطل منذ 4 أشهر، وعلى أثره تطوّعت مجموعة من شباب البلدة لجباية خمسة عشر ألف ليرة بدل مصاريف مازوت من كل منزل، وعملوا على تغذيته مؤقتاً بالتيار الكهربائي لمدّ المنازل بالمياه. ويقول حسين «الله يعطيهم العافية الشباب منذ حوالى 18 يوماً غذّوا البلدة من مياه البئر الموجودة فيها بمعدّل ثلاث ساعات حتى امتلأت خزانات المنازل، وبعدها لمّا تمنّع بعض الناس عن الدفع، عاودت انقطعت المي».
لم يعد الأهالي قادرين على الدفع، ولو كانت القيمة 15 ألف ليرة، فيما المعنيّون يشاهدون الأهالي وفقرهم. وما يزيد الطين بلّة أن استمرار انقطاع المياه يؤدي إلى زيادة الأعباء المادية على كاهل السكان العاجزين عن شراء صهاريج المياه أو العبوات المعبّأة. وفي هذا الإطار، تشتكي هناء صبح من الكلفة المادية التي تتكبّدها جراء استمرار انقطاع المياه «كأنو ما بيكفينا وضعنا الرديء، حتى نتحمل مصاريف تانية مش عاملّين إلها حساب»، مفنّدة الأكلاف الأسبوعية لمياه الاستعمال المنزلي ومياه الشرب «خزّان يتّسع لـ20 برميلاً بـ 25 ألف ليرة... يكفي من دون هدر لعشرة أيام فقط، أما مياه الشرب، فكلفتها إضافية يومياً، حيث إنّ الغالون 20 ليتر بـ 3000 ليرة وقد نحتاج إلى أكثر من ذلك، عندها من يدفع؟». سئمت صبح من عبارة «انقطت المي؟»، وهي اليوم لا تطلب أكثر من إصلاح «موتير بئر لوسيه» كي تعود المياه... إلى مجاريها. لا أكثر ولا أقل.
من جهته، يلفت رئيس البلدية جان مراد إلى أن ما يتعرّض له الحي «التحتاني» لبلدته، من انقطاع مستمر في مياه الشفة «لا علاقة للبلدية به»، على اعتبار أن هذا الأمر من اختصاص مصلحة مياه شمسين. وأشار مراد إلى أن «البلديّة كانت قد أنشأت شبكة داخلية للتغذية من البئر التي حفرها مجلس الجنوب، كحل لمشكلة مياه الحي، لكن المشروع لم يكتمل لعدم اكتمال الخزّان، إضافةً إلى عدم توفير أجهزة للتغذية بالتيار الكهربائي، بعد تمنّع الأهالي من الاشتراك ودفع بدلات الاشتراك للاستغناء عن مياه شمسين». ويرى رئيس البلدية أن خروج أبناء بلدته من معاناة انقطاع المياه، لا يأتي إلّا بالالتزام بالدفع وبالاشتراكات لتشغيل بئر البلدة، مشتكياً من أن بلديته لا يمكنها أن تعمل لبلدتَين، لكون بلدته مشطورة إلى حيّين متباعدين، «قسم فوقاني وقسم تحتاني»، يبعدان بعضهما عن بعض حوالى كيلومتر واحد، لذا تكون الحلول جزئية ومنفصلة، «الحي الأعلى يتغذّى من مياه بئر البلدة، أمّا الحي الأسفل فما زال عالقاً بمشاكل مصلحة مياه شمسين».