سفينة تارا الفرنسية للأبحاث العلميّة في مرفأ بيروت. الخبر مفرح، وخصوصاً بعد منع لبنان سفية «راينبو واريو» التابعة لمنظمة غرين بيس من الدخول. لكن مهلاً ... ما نفع الزيارة إذا لم يسمح لطاقمها بأخذ عينات من مياهنا الإقليمية الأشبه بسلة قاذورات
بسّام القنطار
رست سفينة الأبحاث الفرنسية «تارا» في مرفأ بيروت، في زيارة تستغرق

ثلاثة أيام، من ضمن جولة لها تستغرق ثلاث سنوات تقطع خلالها مسافة 150 ألف كيلومتر وتتوقف في 60 محطة في أكثر من 50 بلداً. وتهدف الرحلة الى استكشاف التنوع البيولوجي في البحار والمحيطات، ومراقبة إنتاج الأوكسجين وامتصاص الكربون، وأثر تغير المناخ على البيئة البحرية.
لن يكون في مقدور السفينة التي أبحرت للتو من ميناء ليماسول في قبرص، إلا أن تطلع طلاب مدارس البعثة الفرنسية العاملة في لبنان على المهمات التي تقوم بها، وذلك بسبب عدم سماح السلطات اللبنانية لها بجمع عينات من المياه الإقليمية اللبنانية، بحسب ما أكد لـ«الأخبار» الباحث المختص ايمانويل رينو.
رينو شرح طريق عمل طاقم السفينة المكون من مجموعة من العلماء من اختصاصات عدّة، وقدم عرضاً للتجهيزات العلمية والتقنية التي زودت بها، إضافة إلى بروتوكول الأبحاث العلمية الذي يحدد بدقة المعايير المعتمدة لإجراء الاختبارات، ومن ضمنها سماح الدول المضيفة بأخذ العينات من البيئة البحرية التي تقع في نطاقها الإقليمي.
أما لماذا لم تسمح السلطات اللبنانية بأخذ العينات؟ فسؤال يربك أفراد طاقم السفينة، من دون إجابة محددة أو واضحة، علماً بأنهم حرصوا على التأكيد أن رئيس بلدية بيروت ووزير البيئة اللبناني وخبراء من معهد علوم البحار التابع لمجلس البحوث العلمية، سوف يزورون السفينة اليوم للاطلاع على المهام التي تقوم بها.
مدير مشروع سفينة تارا الاستكشافية الفرنسية ـــــ ايتان بورجوا، أوضح أن الرحلة انطلقت في الخامس من أيلول الماضي من ميناء «لوريون» بفرنسا، حيث يعمل الطاقم على أخذ عينات من المياه، وسوف يتم تحليل هذه العينات في 50 مختبراً منتشراً في 15 بلداً حول العالم، ومن المنتظر أن يساهم في دراسة هذه العينات فريق من العلماء مكوّن من مئة عالم، بهدف تطوير المعرفة العلمية في النظم البيئية البحرية وأثر تغير المناخ عليها.
وسيقوم الطاقم، خلال هذه الرحلة، بإجراء أبحاث تهم علم المحيطات وبيولوجيا الحياة البحرية، وفيزياء التيارات البحرية، إضافة الى دراسة عوالق الكائنات الحية البحرية «البلانكوتون»، والشعاب المرجانية، والحمض النووي خارج الخلية، والمعايير الوراثية للتنوع البيولوجي، وغيرها من القضايا العلمية.
يضحك نائب قبطان السفينة أوليفييه جايون، لدى الاستفسار عما إذا كان قد قرر السباحة في الحوض الخامس لمرفأ بيروت، حيث ترسو السفينة. ويجيب: «من الواضح أن المياه ملوثة هنا، وحبذا لو نستطيع أن نأخذ عينات منها لفحصها».
يأمل جايون أن يتوصل قادة العالم الى اتفاق حول المناخ في قمة كوبنهاغن، ولهذه الغاية ترفع «تارا»، اضافة الى العلم الفرنسي، شعار حملة «أقرّوا الاتفاق» التي أطلقتها الأمم المتحدة من أجل الضغط لإقرار اتفاق جديد في مؤتمر كوبنهاغن يخلف معاهدة كيوتو. ويرى جايون أن تغير المناخ أدى إلى تقلص مساحة النباتات البحرية، وبالتالي تناقص الأوكسجين في المحيطات. لكن جايون يفضل ألا يعلن أياً من النتائج التي توصلت إليها «تارا»، مشيراً إلى أن العينات تفحص بدقة في المختبرات التي ترسل إليها، والبعثة ستستمر في أخذ العينات طيلة ثلاث سنوات، والمختبرات التي تعمل على تحليل هذه العينات تحتاج الى ما لا يقل عن 15 عاماً من أجل إصدار النتائج العلمية النهائية.
ويتألف فريق عمل «تارا» من 14 خبيراً وعالماً وصحافياً وهي مجهزة بأدوات لأخذ العيّنات والتقاط الصور وتسجيل المشاهد وبثّها، وتبلغ ميزانية السفينة لتنفيذ المهمة 2.1 مليون يورو. ويشارك في دعمها، إضافة الى هيئات حكومية فرنسية، برنامج الأمم المتحدة للبيئة وعشرات المراكز البحثية والعلمية ووسائل إعلام فرنسية وعالمية. إضافة إلى مهمتها البحثية، تضطلع السفينة بدور تربوي وثقافي حيث من المقرر أن تنتج أفلاماً وثائقية ونشرات عالمية. وللبعثة موقع تفاعلي على الانترنت www.taraexpeditions.org. وسوف تسلك السفينة على امتداد ثلاث سنوات مساراً مشابهاً لرحلة العالم شارلز داروين على متن سفينته بيغل، وهي الرحلة التي تمت بين عامي 1831 و1836، إذ جمع ملاحظاته الشهيرة حول تطور المخلوقات وأدت إلى تميّزه كجيولوجي.