رضوان مرتضىسهر محمود حتى وقت متأخر. غلبه النعاس فقرر المبيت عند جاره. وضع مفاتيحه على الطاولة وغفا. استيقظ في اليوم التالي، عاد الى شقته، فوجد أن مبلغ مليونين وثمانمئة ألف ليرة لبنانية قد سرق. مرت عدة أيام فلاحظ محمود وفرة المال لدى جاره. شك في أمره، وقرّر أن يبيت عنده مجدداً ليقطع شكه بيقين يريح قلبه، مع الإشارة الى أن محمود يقيم في الطبقة الأولى من المبنى، فيما يقيم الجار علي في الطبقة الثانية. قصده بعد نحو أسبوعين، سهر حتى وقت متأخر، ثم أخبره بأنه سيبيت ليلته عنده. تظاهر بالنوم بعدما وضع مفتاح المنزل على الطاولة كالمرة السابقة.
نهض علي من فراشه عند الثالثة فجراً. أخذ المفتاح المذكور وخرج من منزله. في هذه الأثناء، اتّصل محمود ببعض أصدقائه لمساعدته على توقيف جاره السارق.
قصد الأصدقاء منزل محمود، فوجدوا الجار السارق داخله. أقر علي بأنه سرق المنزل في المرة السابقة، لكنه أكد أنه لم يسرق ًشيئا هذه المرة. اصطحبوه الى مركز مفرزة الضاحية الجنوبية عند الساعة الرابعة فجراً. وهناك أخبروا عناصر المفرزة بأنهم ضبطوه يسرق داخل منزل أحدهم.
اتّخذ محمود صفة الادعاء الشخصي بحق المتهم طالباً إلزامه بإعادة المسروق وبالعطل والضرر. بدأ الاستجواب، فأفاد المتهم في التحقيق الأولي معه، بأنه أخذ مفتاح باب منزل المدعي، عندما كان الأخير نائماً عنده. ولفت المتهم الى أنه دخل منزل الأخير بغية إحضار التنباك لا بنية السرقة، مشيراً الى أن أصدقاء المدعي وجدوه في المطبخ. لكن المتهم اعترف بسرقة مبلغ مليونين وثمانمئة ألف ليرة لبنانية من جيب بنطال المدّعي، ذاكراً أنه أوقف ثلاث مرّات سابقاً بجرائم سرقة.
تأيّدت هذه الوقائع بالادعاء العام والتحقيقات الأولية والاستنطاقية، كما بإقراره وقرينة فراره من وجه العدالة.

اعترف بسرقة المبلغ من جيب بنطال المدّعي
أسقط المدّعي محمود حقوقه الشخصية بحق المتهم علي، بعدما صرّح بأن كامل حقوقه قد وصلته، مبرّئاً ذمة المتهم لهذه الجهة. وكرّر المتهم في التحقيق الابتدائي إفادته الأولية مصرّاً على أنه لم تكن بنيّته السرقة عندما دخل الى منزل المدعي في المرة الثانية، وأظهر الندم على فعلته.
النص القانوني يرى أن دخول المتهم للمرة الثانية الى منزل المدعي دون أن يسرق شيئاً، يعود الى ظرف خارج عن إرادته، هو دخول المدعي وأصدقائه الى المنزل بقصد الإمساك به. ويمثّل فعله الجناية المنصوص عليها في المادتين 639/640 من قانون العقوبات معطوفتين على المادة 201 من قانون العقوبات، ويقتضى تجريمه سنداً إليها.
قررت محكمة الجنايات في جبل لبنان، المؤلفة من الرئيس عبد الرحيم حمود والمستشارين راجي الهاشم ورانيا بشارة، تجريم المتهم علي غيابياً بجناية المادتين 639/640 من قانون العقوبات، وبإنزال عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة بحقه لمدة سبع سنوات بعد إدغام العقوبات. كذلك تقرر تجريده من حقوقه المدنية ومصادرة أمواله، وبإنفاذ مذكرة إلقاء القبض الصادرة بحقه.