بعد نكسات متواصلة في الانتخابات الطالبية، حققت المعارضة السابقة، يوم أمس، انقلاباً درامياً في LAU. دراما لم تكتمل من دون تكسير زجاج بعض السيارات وسريان شائعات عن عيار أطلق من مسدس 6 ملم
رنا حايك
أمس، صوّت طلاب الجامعة اللبنانية الأميركية في فرعيها لانتخاب ممثّليهم. في حرم بيروت، كان الصباح هادئاً. كل شيء في مكانه: المعارضة السابقة في لائحة «تابع العمل» (وتضم حركة أمل، حزب الله، التيار الوطني الحر، حزب الطاشناق، الحزب القومي السوري الاجتماعي)، الموالاة السابقة في لائحة «صوت الأكثرية الصامتة» (وتضم المستقبل، القوات، شباب البقاع، والجماعة الإسلامية)، ومناصرو الشيوعي في مكانهم أيضاً، وقد التزموا بقرار حزبهم مقاطعة الانتخابات بورقة بيضاء «لأن التحالفات معروفة، ولم نتفق مع أحد من الجهتين، بينما لم تتجاوب المعارضة مع دعوتنا للتنسيق معها»، كما يقول هادي بو مجاهد، مسؤول الحزب في الجامعة. أما مكان الاشتراكيين، فقد بدا ملتبساً لبعض الطلاب، وأثار بلبلة في أوساط الناخبين.
ففيما التزم الحزب بتوجيهات زعيمه وأكد في بيان استقلاليته في معركة LAU، أجمع الطلاب على تحالف الاشتراكيين المبطّن مع المعارضة، «متّفقين معن من تحت الطاولة»، كما أكد أحد مندوبي «شباب البقاع»، بينما امتنع بعض مناصري الاشتراكي عن الانتخاب لأنهم «شو هاك بدنا نقضيها نقلب كل شوي؟» كما قالت إحدى الطالبات.
لُبس يشرحه مسؤول الجامعات الخاصة في الحزب التقدمي الاشتراكي، باسل العود، قائلاً «نحن على مسافة واحدة من جميع القوى، لكنّ حركة أمل أدرجونا في لائحتهم فرشحوا 4 طلاب وأقفلوا لائحتهم بطالبين من عندنا، لكننا مستقلون وكنّا نوزّع لائحة باسمين فقط هما المرشحان عن الحزب. وقد دعونا المستقبل ليقوموا بالأمر ذاته لكنّهم لم يتجاوبوا».
الظهر أيضاً كان هادئاً، باستثناء بعض المشادات الكلامية التي احتُويت. فقد منعت الجامعة أمس 5000 طالب يصوّتون لملء 12 مقعداً من حمل اللافتات والشعارات الحزبية للتمييز في ما بينهم، فارتدت الأكثرية الصامتة اللون البنفسجي، بينما لم يكتف مناصرو اللائحة المنافسة بارتداء اللون الأبيض، بل دعّموه بلمسات دينية، كالكوفية السوداء وسيف الإمام علي الفضي، «تنثبّت وجودنا بمناطقن» كما يقول هشام (سنة ثانية إدارة أعمال)، وزميله غيث (كيمياء وعلوم مصرفية)، الذي، رغم ارتدائه الكوفية، يتحدّى زميله مناصر الأكثرية الصامتة بنيّات حركة أمل الحسنة قائلاً: «لما الاشتراكيين اقترحوا لائحة توافقية موحّدة وبلا انتخابات كلنا رضينا إلا المستقبل».
التوافق كان أول الخيارات المستبعدة مساء أمس، الذي اشتعل ما إن أعلنت النتائج، التي أثارت زوبعة من العدائية في وجه هدوء نهار الانتخابات الطويل.
10 للمعارضة. 2 للاشتراكي. صفر للمستقبل. كانت الصفعة مدوية في عقر الدار (قريطم)، وفعلت الاستفزازات فعلها في النفوس المشحونة. سلسلة من المشادات والتدافع ووابل من الشتائم. شائعات عن وقوع جريحين نفى المخفر ذلك، فتاة تؤكد أنها تعرّضت للدفع والضرب، وسيارات تضررت في المنطقة المحيطة بالجامعة. سرعان ما طوّقت عناصر قوى الأمن الداخلي والجيش المكان، بينما احتوت الجامعة الإشكال عبر تفريقها للخصوم ودعوتهم إلى مغادرة محيط الحرم.
وفيما انطلق الرابحون في مواكب سيّارة احتفالية، لازم طلاب من مناصري المستقبل أمكنتهم يهدّئ بعضهم غضب بعض: «هن تحت عند القومي. إيام ما كان معنا سلاح ما قدرنالن. بدّك تنزل لعندن هلق؟ تفضّل. خلص، كسرنالن كام سيارة. وين حيروحوا؟ مانن بالجامعة، شي نهار منكون مجهزينلن حالنا. هلق خلص»، بينما يؤكد أحدهم أنه سمع طلقة نار، محتجّاً «السلاح بيلقطوا معنا بس، معن لأ».

طلبت الجامعة من الطلاب مغادرة الحرم، فنشب الإشكال في الخارج
هكذا إذاً... في الجامعة سباق تسلّح. في الجامعة طلاب مسلّحون يغارون ممن يحمل السلاح. في الجامعة شباب روح كل منهم بيد زعيم يجب أن يسأل وأن يحاكم على ضياع أرواح من يده. ولكن، في الجامعة أيضاً شباب مسؤولون. علي حمادة، مثلاً، امتنع عن خوض بروفا المواطنة، وعن ممارسة حقّه في الانتخاب، واستشرف الخاتمة الروتينية منذ الصباح حين صرّح لـ«الأخبار» بأنه يرفض أن يكون «جزءاً من العنف والاستفزاز الذي سيقع فور إعلان النتائج».
أما في فرع الجامعة في جبيل (جوانّا عازار)، فقد مرت الانتخابات بهدوء. وبقي كل شيء في مكانه فعلاً، فلم يحصل تبدّل دراماتيكي في المواقع، بل تقدّم طفيف، إذ فاز تحالف القوّات اللّبنانيّة، الكتائب، تيّار المستقبل ومستقلّون (لائحة جبهة الطلاب اللبنانيين) بسبعة مقاعد بينما حصد في المقابل تحالف التيّار الوطنيّ الحرّ، حزب الله، حركة أمل، الطاشناق المدعوم من الشيوعي، المردة والقومي (اللائحة الاجتماعية) خمسة مقاعد، من أصل 12 مقعداً تنافس 24 مرشحاً عليها.
وفيما أشار أحد المرشّحين عن حزب الكتائب في اللائحة مروان عبد الله (كليّة الفنون والعلوم) لـ«الأخبار» إلى أنّ «العمل من كلّ جهة انصبّ أساساً على الطلاب الحيادييّن»، أكد رئيس خليّة القوات اللبنانيّة في الجامعة غدي سعد أنّ «أجواء المعركة كانت ديموقراطيّة، فيها تنافس حماسيّ بعيداً عن الاستفزازات من أيّ طرف»، مضيفاً أن «المحرّك الأساسي للائحة LSF كان القوات اللبنانيّة، بدليل أنّ 95% من الطلاب الاشتراكييّن مثلاً امتنعوا عن التصويت».


أنا أفكر، إذاً أنا لا أنتخب

تلك كانت العبارة التي طبعها علي السيد على مشابك صغيرة وزعها على زملائه. لا لأنه يعادي الممارسة السياسية، بل لأنه غير طائفي، والممارسة السياسية حالياً في جامعته قائمة على هتافات تقتصر على «علي» و«عمر».
يوم أمس، كان يغادر الجامعة مع صديقته ليلي حين وقع الإشكال وبدأ زملاؤه يتراشقون بالحجارة والكراسي. في المطعم الذي احتميا فيه، عجز عن الردّ على سؤالها: «كيف بدي عيش بهيك بلد؟»