زينب صالح كان حسن ينوي أن يدرس الهندسة في جامعة بيروت العربية. لكن الأمور لم تتم على ما يرام. عارضت شقيقته ذهابه إلى هناك. لم يكن السبب يتعلق بالمناهج التعليمية في الجامعة إطلاقاً، ولا بمستواها الأكاديمي. السبب ببساطة، هو خوفها عليه، من «مشاهد مخيفة عالقة في ذاكرتها». لم تقنعها طمأنة القوى الأمنية التي تحرس الجامعة. فبعد أحداث الجامعة العربية الشهيرة، أكدت الأخيرة في أكثر من مناسبة، أن مظاهر العنف ما عادت موجودة، بفعل الاحتياطات الميدانية، التي تنص على التفتيش ومصادرة الأدوات الحادة، إضافة إلى منع التكلم بالسياسة داخل الحرم. حسن رأيه مختلف. دخل إلى الجامعة، متسلحاً بإخفاء طائفته. هكذا، تصبح الأمور طبيعية بين الطلاب، حين يتركون طوائفهم في منازلهم.
تاتوان طالبة بقاعية، تعاني حالة مشابهة. أصر أهلها على نقلها من كلية العلوم في مجمع الحدث، إلى الجامعة اللبنانية الدولية في البقاع. أشارت الطالبة إلى أنها لمست جواً مذهبياً في العام الماضي، «أزعجها حد الوصول إلى درجة البكاء»، بسبب شكل حجابها وربطة اليد الزرقاء التي تشير الى انتمائها إلى تيار المستقبل، فيما ينتمي أغلب الطلاب إلى المعارضة (آنذاك). مجلس الطلاب في الكلية علق على شهادة تاتوان، فلفت أحد الأعضاء فيه إلى أن المجلس «يحترم جميع الطلاب على اختلاف آرائهم وانتماءاتهم السياسية». رأى علي أن مهمة المجلس هي منع التصادم بين الطلاب، مستنداً إلى انتخابات مجلس طلاب الفرع «حيث لم يحصل أي خلاف بين الطلاب». ووجه رسالة إلى تاتوان قائلاً: «النعرات شخصية ولا تمثل إلا صاحبها». ربما حاول إقناعها بالعودة بطريقة غير مباشرة، أما ممثل «تيار المستقبل» في الجامعة، فرفض التعليق.

في الحدث يُفاجأون بأن عماد مسيحي ويفرحون بأنه عوني

سناء متخرجة من كلية العلوم ـــــ الفرع الثاني، علقت بقوة. لا تحب أن تذكر سنوات الدراسة تلك. كان التلاميذ ينظرون إليها «كأنها من عالم آخر»، على حد قولها، موضحة أن ذلك بسبب الحجاب. ووفقاً لما تؤكده سناء، كان بعضهم يسخر منها «إلا أني كنت مضطرة لأن أدرس هناك».
عماد يدحض تجربة سناء. يعلن «أنا مسيحي». يشير إلى أنه يعيش في منطقة الفنار، ويتقبّل فكرة «وجود مجبات ومرتديات العباءات إلى جانبه في صفوف الدراسة». يعترف بأنه كان يستغرب تلك الأمور، إلا أنه تقبلها لاحقاً... «عندما اضطر الى نقل تعليمه الى الحدث». وفي نهاية حديثه، يفسر عماد نقطة هامة: «يفاجأون عندما يعلمون أني مسيحي، لكنهم يفرحون لأني عوني».
مهى، ليست عونية أو أي شيء آخر. مجرد طالبة تدرس الترجمة. انتقلت إلى الجامعة اللبنانية الدولية في بيروت، من كلية الآداب في الفرع الثاني، بناءً على نصيحة زميلتها إنعام، التي انتقلت الى الجامعة نفسها بسبب «صور وأعلام القوات اللبنانية التي أراها كيفما توجهت والتي لا أطيقها». على ما يبدو، الأفكار المسبقة حاضرة دائماً، وقد تعوق العلاقة مع «الآخر» قبل بدء التجربة أحياناً.