عمر نشّابةتستعدّ وزارة العدل اللبنانيية للتعليق على التبليغات القضائية السورية التي صدرت عن دائرة التحقيق الأولى في دمشق لعدد من المسؤولين اللبنانيين، والتي وصلت أخيراً إلى مكتب وزير العدل عن طريق وزارة الخارجية اللبنانية. وصدر أمس عن المكتب الإعلامي في وزارة العدل بيان أعلن أنه «سيكون لوزارة العدل موقف رسمي في هذا الصدد». لكن يبدو أن بعض الأمور ما زالت تحتاج إلى توضيح على أساس تقديم المبادئ العدلية على الاعتبارات السياسية.
فانطلاقاً من «الروابط الأخوية المميّزة التي تربط بين الجمهورية العربية السورية والجمهورية اللبنانية، والتي تستمد قوّتها من جذور القربى والتاريخ والانتماء الواحد والمصير المشترك والمصالح المشتركة، وإيماناً منهما بأن تحقيق أوسع مجالات التعاون والتنسيق يخدم مصالحهما ويوفّر السبل لضمان تطوّرهما وتقدمهما» (كما يرد حرفياً في معاهدة الأخوّة والتعاون والتنسيق بين الجمهورية العربية السورية والجمهورية اللبنانية التي ما زالت قائمة قانوناً)،
وعملاً بـ«روح التعاون والانفتاح» وبارتقاء «العلاقات الأخوية اللبنانية ـــــ السورية إلى المستوى الذي تفرضه الروابط التاريخية والمصالح المشتركة بين الشعبين والبلدين» (الفقرة 9 من البيان الوزاري لحكومة الإنماء والتطوير) التي تنتهجها الحكومة،
يفترض تداول وزارتي العدل في البلدين شأناً يخصّ إدارات تتبع لهما. فبما أن التبليغات قد جرت بطريقة مباشرة إلى عدد من الواردة أسماؤهم في لائحة الذين يطلب القضاء السوري سماع شهاداتهم، يُسأل عن سبب وصول نسخة عن تلك التبليغات القضائية الصادرة عن دائرة التحقيق الأولى في دمشق عبر وزارة الخارجية، إلى وزارة العدل. فالمادة 25 من الفصل الثالث للاتفاق القضائي المعقود بتاريخ 25 شباط 1951 بين الجمهورية العربية السورية والجمهورية اللبنانية تنصّ: «تتم إجراءات التبليغ مباشرة بين الدوائر القضائية المتماثلة ـــــ دون توسط الطرق السياسية ـــــ وإذا لم يوجد دائرة قضائية مماثلة تتم إجراءات التبليغ بواسطة محكمة الدرجة الأولى الكائن في منطقتها محلّ إقامة المطلوب تبليغه».
إن الاتفاقية الدولية واضحة لجهة التبليغ المباشر ولو كان الأشخاص الذين يراد تبليغهم من الخاضعين لسلطة وزارة (باستثناء العسكريين والدبلوماسيين). وتنصّ المادة 29 من تلك الاتفاقية التي يتعهّد لبنان رسمياً باحترامها: «يعتبر التبليغ الجاري على الشكل المبيّن في هذا الفصل كأنه قد تمّ داخل أراضي الدولة طالبة التبليغ».
يذكر أيضاً أن لا حصانة من التبليغات القضائية لأحد، بل يفترض اتّباع الأصول الشكلية للتبليغات. و«يبلغ رجال السلك الدبلوماسي والقنصلي أوراق دعوتهم بواسطة وزارة الخارجية. يبلّغ العسكريون أوراق دعوتهم بواسطة قادة قطعهم» (المادة 147 القسم الخامس من قانون أصول المحاكمات الجزائية).
على أيّ، حال ينبغي الإشادة بلجوء أياً كان إلى القضاء العادل في أي قضية وذلك وفقاً للقانون وللأصول المعتمدة، والعمل على أساس إحياء وتحصين القضاء المستقلّ الذي يسعى إلى تحقيق العدل بعيداً عن أية اعتبارات أخرى.