خالد صاغيةماسيمو تارتاليا، مواطن إيطالي اعتدى بالضرب على رئيس حكومة بلاده سيلفيو برلوسكوني. استخدم تمثالاً صغيراً لكاتدرائية ميلانو، وضرب رئيس الحكومة على وجهه. قيل في ما بعد إنّه كان يعالَج منذ عشر سنوات لإصابته باضطرابات نفسيّة. لكن، رغم الإجماع على أنّ المعتدي مختلّ عقلياً، لم ينفِ ذلك اعتبار بعض الصحف أنّ ما قام به هو إشارة إلى تدهور الحياة السياسية في البلاد. ورأت مسؤولة أبرز حزب معارض أنّ «كل شخص يجب أن يشعر بأنه مسؤول... حتى رئيس الحكومة وغالبيته الذين عملوا منذ أشهر على شقّ صفوف البلاد».
وفيما رأت إحدى الصحف أنّ «الحرية على المحك»، تلقّت صحيفة أخرى رسائل متفهّمة لما قام به ماسيمو على أنه ردّ فعل على حكومة «معادية للأجانب وغير ديموقراطية وعنصرية».
وإذا كانت دعوة الصحف الكبرى للتضامن مع رئيس الحكومة طبيعية، فإنّ ذلك لم يمنع نشوء مجموعات على «فايسبوك» انضمّ إليها آلاف المعجبين الذين عدّوا المعتدي «بطلاً».
برلوسكوني ليس ضيفاً أجنبياً على إيطاليا، ولا رئيس جيش محتلّ. إنّه رئيس وزراء البلاد التي تملك انتخابات وحياة سياسية وتداولاً على السلطة. إلّا أنّ الحادثة تستدعي في مكان ما، ما فعله منتظر الزيدي حين رشق الرئيس الأميركي جورج بوش بحذائه.
اللافت في إيطاليا أنّه لا أحد تحدّث عن علاقة الثقافة الإيطالية بالتماثيل، وكيف أنّ الإيطاليّين لم يتخلّصوا بعد من ثقل التماثيل في ثقافتهم، بسبب انتشارها في شوارع روما، وذلك بخلاف الخرافات الاستشراقيّة التي راجت بعد حادثة الزيدي، عن علاقة الثقافة العربية بالأحذية.
كذلك لم يعدّ أحد الحادثة إشارةً إلى فشل مشروع الحداثة في إيطاليا، كما حصل في العالم العربي حيث قيل إنّ الصحافي العراقي الذي يفترض به أن يمارس مهنته، ذكّر بأنّه لا مكان للمهن الحديثة في مجتمعاتنا المتخلّفة.
ولم يُتّهَم ماسيمو تارتاليا بالتعامل مع فلول موسوليني مثلاً، كما عُدّ الزيدي من نتاج ثقافة صدّام حسين.
طبعاً، ثمّة إدانة لاستخدام العنف في إيطاليا، وتخوّف ممّا يمكن أن ينزلق إليه هذا السلوك «الماسيميّ». لكنّ ذلك استدعى أوّلاً ردّ الحادث إلى جذوره السياسية، والتعامل معه على أنه فعل احتجاج سياسي في الدرجة الأولى، وإن كان صاحبه مختلّاً عقلياً.