تقع بلدة مستيتا ضمن نطاق بلديّة بلاط وتوابعها، لكن معظم سكانها «غُرَبا» وفدوا إليها خلال الحرب. بهم عمرت مستيتا، أو كما يصحّح مؤرّخ المنطقة «المسمّاة مستيتا» تجاوزاً «لأن مستيتا تمتدّ عقاريّاً فقط من كنيسة مار أنطونيوس الكبير حتّى البحر»تقع مستيتا، مكان قضاء فصل الشتاء بالآرامية، حسب مؤرّخ المنطقة إلياس موسى، ضمن ثلاثية تضمّها بلديّة بلاط وتوابعها: مستيتا وبلاط وقرطبون. ويقول موسى إن القسم الجنوبيّ من نطاق البلديّة يشمل إلى مستيتا، كفركلاس، مار يوحنّا الطرشان، الحرف ووادي اللحامين، ويطلق عليها جميعها وبصورة خاطئة اسم مستيتا. موقع مستيتا العقاريّ فيه منتجعات سياحيّة كثيرة على شاطئ البحر، إضافةً إلى مزارع الداوجن والمواشي، وعدد من معارض السيّارات والمؤسسّات التجاريّة. المكان غنيّ بالمواقع الأثريّة، ومنها جسر الطريق الساحليّ، الذي يعود إلى عهد المتصرّفية، إضافةً إلى جسر قنطرة زبيدة ودير وكنيسة سيدة الحقلة، كنيسة مار سابا وكنيسة مار أنطونيوس الكبير، وهي الكنيسة الرعائية الحالية.
وعقاريّاً، لا تتخطّى الوحدات السكانيّة الخمسين وحدة في مستيتا، حيث إن نحو 90 بالمئة من مستيتا العقاريّة تعود ملكيّتها إلى دير سيدة الحقلة في دلبتا. بربور بو سليمان يعتاش من الزراعة في المكان، وكان جدّه قد وفد من بلدة عنايا الجبلية إلى بلدة طورزيا الأدنى منها ارتفاعاً عن سطح البحر، ثم «هبط» إلى مستيتا «نحن مزارعون، خلقنا، ربينا وعشنا هون»، يقول بو سليمان متابعاً «نزرع في مستيتا، ونسكن في كفركلاس». فموقع كفركلاس يبقى حسب موسى الموقع السكنيّ الأهمّ ضمن القسم الجنوبيّ من نطاق بلديّة بلاط وتوابعها، ويعني اسمه قرية الكلس، لطبيعة صخوره الكلسيّة. هذا الموقع ومساحته نحو 600 ألف متر مربّع كان في القسم الأكبر منه أحراجاً لشجر الشربين، وكانت تكثر فيه الحشرات والزواحف السامة، حتّى شاع قول «يبعتلك عقصة حيّة بشربين كفركلاس».
حتّى سنة 1963 كان في الموقع بيت سكنيّ واحد قائم على قناطر، وبجانبه مغاور عدّة لإيواء قطعان الماعز «المشتية»، أي التي تمضي الشتاء على الساحل وعدّة خرائب. وتخترق الموقع طريق جبيل ـــــ قرطبا التي نفّذت عام 1915، وقد شقّت طريق إليها من الطريق الساحليّة وصولاً إلى كفركلاس، ما جعل اسم مستيتا يمتدّ بصورة خاطئة إلى الموقع. عام 1969 فُرزت كفركلاس رسميّاً إلى نحو 800 عقار، مساحة كلّ منها ما معدّله 700 متر، وقد بيع حينها المتر نقداً بثلاث ليرات، وبالتقسيط بخمس ليرات، وبُنيت فيها مؤسسّة صناعية عُرفت بعمل الأسطوانات. واعتباراً من سنة 1980 حتّى نهاية الحرب الأهلية 1989 شهدت المنطقة نهضة عمرانيّة، بحيث وصل عدد الوحدات العمرانية فيها إلى ما بين سكّانية وتجاريّة وصناعيّة إلى نحو 3000 وحدة. أمّا السكّان فمن كلّ لبنان: القبيّات، مرجعيون، دير الأحمر، الرميلة وغيرها، يعيشون في مجمّعات سكّنية مع وجود خجول للبيوت الفرديّة. «إنّهم صورة عن الواقع اللّبنانيّ» يقول موسى متابعاً. يسكن خليل حبشي وأصله من بلدة دير الأحمر، وعائلته المنطقة منذ سنة 1990، ويتحدّث عن «التنوّع الذي تشهده بفضل تداخل عادات السكان وتقاليدهم، وهم من ضيع لبنانيّة مختلفة»، مشيراً إلى أنّ «الجوّ جوّ ضيعة»، شاكياً الحرمان الإنمائيّ الذي تعانيه المنطقة، وخاصّة أنّ المواطنين حسب قوله لا يشاركون في العمليّة الانتخابيّة فيها، بل في ضيعهم.
موقع مار يوحنّا الطرشان، الذي تشمله أيضاً تسمية مستيتا، وتعود ملكيّته إلى وقف سيدة شويت في بلدة صغار البترونية، بيع سنة 1973، وهو يحتوي اليوم على نحو 300 مشروع سكنيّ. فيما يضمّ موقع الحرف (في نطاق منطقة قرطبون العقاريّة) نحو خمسين وحدة سكانية، وكنيسة الاتحاد المسيحيّ الانجيليّة، وهذه المواقع، إضافةً إلى موقع وادي اللحامين المجاور، لم تكن تتخطى بيوتها الأساسيّة الـ15 بيتاً، لينشأ الباقي منها خلال الأحداث اللبنانيّة.
(الأخبار)