تبحث منظمات المجتمع المدني عن آلية تنسيق لتقديم تقارير مشتركة ترصد انتهاكات حقوق الإنسان. موعد تسليم التقارير إلى مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة في جنيف ينتهي في نيسان 2010
فاتن الحاج
هل هناك رغبة لدى منظمات المجتمع المدني في كتابة تقارير جماعية عن واقع حقوق الإنسان في لبنان، وهل يلغي ذلك التقارير الفردية، التي تتضمن معلومات موثّقة جمعتها كل منظمة على حدة في المسائل الحقوقية التي تهتم بها؟ ماذا عن الحوار بين المنظمات والحكومة اللبنانية المطالَبة هي الأخرى برفع تقرير وطني إلى مجلس حقوق الإنسان، في الأمم المتحدة لمناقشته في الاستعراض الدوري الشامل لواقع حقوق الإنسان في العالم في جنيف، في كانون الأول 2010؟ وكيف يمكن الضغط باتجاه أن يشمل التقرير الحكومي أوضاع اللّاجئين المقيمين الأجانب غير اللبنانيين؟
كانت هذه الأسئلة فحوى اللقاء الحواري الذي نظّمته، أمس، جمعية «روّاد فرونتيرز» في فندق «مونرو» مع ممثلين عن المجتمع المدني، للتنسيق في كتابة التقارير سعياً لتحقيق أكبر قدر ممكن من الحلول لقضايا حقوق الإنسان.
«لا يزال المسار في بدايته فيما الوقت يدهمنا، فالمهلة المعطاة للمجتمع المدني ليقدم تقاريره تنتهي في نيسان 2010». هذا ما قالته سميرة طراد، من جمعية «رواد فرونتيرز». وأكدت أنْ لا تعارض بين التقارير الفردية للمنظمات والتقارير المشتركة، وإن كانت الأخيرة أكثر قوة.
هوّة بين التشريعات اللبنانية والاتفاقيات الدولية
ولاحظت برنا حبيب من الجمعية أنّ التقرير الوطني السابق، الذي يغطي الأعوام بين 2005 و2008 والبيان الوزاري الحالي، لا يفردان قسماً خاصاً لحقوق الإنسان، ويركّزان على المواطنين اللبنانيين دون الأجانب.
أحمد كرعود من منظمة العفو الدولية، أكد أهمية التنسيق بين الجمعيات بعد تحديد القضايا الحقوقية الأساسية، وهو ما لم يتطرق إليه اللقاء أمس، إذ ركّز على بحث التقنيات من دون الخوض في التفاصيل لجهة مواقفهم المشتركة من تلك القضايا، مثل التعذيب والاعتقال التعسفي، استقلالية القضاء...
وشرحت سولفي كنودسن، من مفوضية حقوق الإنسان، أن الاستعراض يعتمد على ثلاثة تقارير متساوية في الأهمية: التقرير الوطني، الذي يتضمن معلومات تعدّها الدولة، تقرير وكالات الأمم المتحدة، الذي تعدّه مفوضية حقوق الإنسان عن الدولة، وملخص البيانات المقدّمة من أصحاب المصلحة بالملف. وقد أكدت كنودسن أن المعلومات يجب أن تكون ذات صدقية، وموثوقاً بها عن أوضاع حقوق الإنسان.
حقوق اللاجئين الفلسطينيين احتلت حيزاً من النقاش، مع مشاركة مستشار لجنة الحوار الفلسطيني اللبناني زياد الصايغ، الذي حاول أن يقدّم صورة وردية عن إنجازات الحكومة في هذا الملف: «لقد خرجنا من منطق المناصرة إلى الشراكة مع المجتمع المدني، وبالتالي فإنّ استيعاب هواجس الفلسطينيين يتطلب أن يأخذ المجتمع المدني الفلسطيني بعين الاعتبار هواجس السياسات العليا للدولة اللبنانية». ودعا الصايغ إلى إرساء منطق التوازن بين توفير الحياة الكريمة، وهو مصطلح ملتبس لدى الفلسطينيين لكونه ينحصر في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية دون المدنية والسياسية، وبين دعم حق العودة انطلاقاً من العدالة الدولية.
استفزّ هذا الكلام المنظمات الفلسطينية المشاركة في اللقاء، وخصوصاً لجهة ما عدّه الصايغ إنجازات، ومنها مبادرة تحسين أوضاع المخيمات الفلسطينية، فسأل جابر سليمان من مركز عائدون لحقوق اللاجئين كيف يمكن أن يحصل ذلك من دون حق التملّك ولو شقةً سكنية. ثم إنّ الحكومة اللبنانية تتحدث، في رأيه عن نيّات بالتحسين ولكن لا شيء يتغير عملياً. وأكد أن الفلسطينيّين رغم كل الخلافات السياسية بينهم فإنهم متفقون على أهمية المطالبة بحقوقهم. وأضاف إن لبنان يعيش هوّة ما بين تشريعاته الداخلية والاتفاقيات الدولية التي وقّعها.