اتفاقية التعاون بين المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، ومنظمة الإنتربول دخلت أمس حيّز التنفيذ، وفي بيروت أُطلق العمل رسمياً في مكتب التواصل التابع للمحكمة، فهل سيقدّم إجابات واضحة عن تساؤلات تتعلق بنتائج التحقيق وسير العمل؟
بيسان طي
بدأ العمل بالاتفاقية الموقّعة بين المحكمة الدولية الخاصة بلبنان والإنتربول الدولي أمس، وكان رئيس الإنتربول روبير نوبل قد التقى رئيس المحكمة، القاضي أنطونيو كاسيزي، في لاهاي أمس.
الاتفاقية أُقرّت في 15 تشرين الأول الماضي خلال اجتماع عُقد في سنغافورة حضره المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي. وبموجب هذه الاتفاقية «سيُسمح للإنتربول بالاطّلاع على كل المعلومات (داتا) التي تملكها المحكمة» وفق ما قالته مسؤولة في المحكمة لـ«الأخبار» أمس.
على أي حال كثر الكلام عن المحكمة أمس، وأعيد طرح بعض الأسئلة مع إعلان انطلاق مكتب التواصل المرتبط بالمحكمة. ومن تلك الأسئلة ما يتعلّق باستقالة المقرر السابق للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان، روبن فنسنت، وهو من الأسئلة التي لم تلقَ جواباً واحداً وواضحاً حتى الآن، فرئيس المحكمة الدولية أعلن أن استقالة فنسنت قبل شهور جرت «لأسباب عائلية»، فيما المستقيل نفسه قال لـ«الأخبار» إن الأسباب مهنية، الاختلاف في المعلومات أثار لغطاً، وأقلق بعض المتابعين لعمل المحكمة، وخاصةً أنه يصعب إيجاد إجابة عن السؤال في الموقع الإلكتروني الرسمي للمحكمة http://www.stl-tsl.org.
تقديم مضمون الموقع مثّل جزءاً من المؤتمر الصحافي الذي عُقد في فندق متروبوليتان في بيروت، للتعريف بمكتب التواصل مع المحكمة، الذي بدأ العمل في تشرين الأول الماضي، وأمس أُعلنت انطلاقته رسمياً.
المتحدثة باسم المكتب وجد رمضان تكلمت عنه، خلفها رُفعت شاشة من القماش، راقب من خلالها الصحافيون عملية التعريف بالموقع، والإبحار عبره.
موازنة المحكمة لعام 2010 أُقرّت وهي تبلغ 55،35 مليون دولار
أكثر من أربعة آلاف كيلومتر تفصل بين بيروت ولاهاي، حيث مقر المحكمة، وبُعد المسافة قد يحول دون قدرة المواطنين والمعنيين والمهتمين بالمحكمة، على التواصل معها، أو طرح الأسئلة عن عملها. مكتب التواصل، كما يبيّن اسمه، مهمته توفير صلة وصل بين بيروت ولاهاي، ليس فقط لتقديم الأخبار عن المحكمة، بل «لكي نستمع أيضاً إلى أسئلة اللبنانيين وكلامهم، ونوصل أسئلتهم إلى المحكمة». أبواب المكتب ستكون مفتوحة أمام الصحافيين والعاملين في المجال القانوني والقضائي وكل مواطن مهتمّ بالمحكمة، كما ستوفّر دورات تدريبية لطلاب جامعيّين، وفي هذا الإطار يُذكر أنّ ثمة معلومات خاطئة يتداولها قانونيون عن هيكلية المحكمة، أو عن علاقتها بمنظمة الأمم المتحدة، لذا من الممكن أن تسهم الدورات التدريبية ومكتب التواصل في تقديم المعلومات الصحيحة.
مهمات المكتب، كما عدّدتها رمضان، هي التوعية على عمل المحكمة وأهدافها، ومتابعة تطوّر عملها، وتوفير التواصل معها، وتوزيع أية وثيقة أو بيان يصدر عنها، وبعد انتهاء مرحلة التحقيقات، سيزوّد مكتب التواصل الصحافيين بتسجيلات مرئية ـــــ مسموعة عن المحاكمات، ومن المهمات تقديم المعلومات لتسهيل فهم قوانين المحكمة، والهيئات التي تعمل فيها. والوقت الباقي في عمل المحكمة، يسمح بالتعرف إلى مسار عملها.
لم تقدم رمضان أيّة إجابات متعلقة بمسار التحقيق، فذلك من اختصاص مكتب المدعي العام الدولي دانيال بلمار، ورداً على سؤال عن الموازنة المخصصة للمحكمة، قالت إن موازنة عام 2010 أُقرّت وهي تبلغ 55،35 مليون دولار.
هل يستقبل مكتب التواصل أناساً سيقدّمون أنفسهم باعتبارهم شهوداً يملكون معلومات عن الجريمة؟ وهل سيتعاطى مع المعلومات التي يطرحها اللواء جميل السيد؟
رمضان أجابت عن هذا السؤال بالقول «بابنا مفتوح للجميع»، ثم ذكّرت بأن المحكمة توفّر الحماية للشهود.
أما في ما يتعلق بعدم محاكمة «شهود الزور» الذين قدّموا معلومات خاطئة إلى لجنة التحقيق الدولية، فإن رمضان كررت التذكير بالتعديل الذي أُجري على قواعد المحكمة، دون أن تعطي توضيحات أو تفسيرات لهذا التعديل وأسبابه.
سُئلت رمضان عن موقف المحكمة الدولية من التبليغات السورية في حقّ بعض اللبنانيين، فأوضحت أن لا علاقة للمحكمة بالقضاء السوري.
وُزع خلال المؤتمر كتيّب عن المحكمة بعنوان «الموجز في الإجراءات المطبّقة في المحكمة الخاصة بلبنان»، وفيه عرض للمبادئ التوجيهية والنظام الأساسي للمحكمة، وتذكّر إحدى الفقرات بـ«إنجازات المحاكم الخاصة والمحكمة الجنائية الدولية»، وفي الفصل المخصّص لـ«القواعد المتعلقة بالاختصاص» يلفت الكتيّب إلى أن اختصاص المحكمة يستند إلى مبدأين عامّين، فللمحكمة الخاصة والمحاكم في لبنان اختصاص مشترك، وتكون للمحكمة الدولية أسبقية في مجالات أخرى، ثم يورد الكتيّب شرحاً عن الإجراءات: الأطراف الرئيسة فيها، ومراحل تنفيذها السبع، ويحدد مفاهيم «المتضرر» و«المتضرر المشارك في الإجراءات»، وإدارة الأدلّة، والتعاون الدولي في القضية.


أسئلة تعجز المحكمة عن الإجابة عنها

يجهد العاملون في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان لتحسين صورتها بين اللبنانيين عبر إزالة مصادر الشكّ في تسييسها ومن خلال التأكيد أنها مستقلّة ومحايدة وقادرة على تحقيق العدل. غير أن مكتب العلاقات العامة في المحكمة كما مكتب التواصل التابع له في بيروت ما زالا عاجزين عن الاجابة عن بعض الأسئلة الإجرائية التي لا علاقة لها بسرية التحقيق. من بين تلك الاسئلة: لماذا عيّنت المحكمة مستشاراً قانونياً للمدعي العام الدولي دانيال بلمار كان قد نسف قرينة البراءة في كتاباته وهو دريد بشراوي؟ لماذا لم تعلن المحكمة حتى اليوم أسماء القضاة بينما تقول إن الإجراءات الأمنية اكتملت؟ ما هي أسباب استقالة أحد قضاة المحكمة الدوليين وانتقاله الى محكمة دولية أخرى؟


هدر؟

ما زالت مساهة المحكمة الدولية في تحقيق العدالة معدومة كلياً. فلا إنجاز حقيقياً ولا تقدم يمكن تسجيله في القضية. ولا يمكن القول إننا اقتربنا ولو مليمترات قليلة من معرفة من اغتال الرئيس رفيق الحريري. فالتحقيق سرّي وبلمار لن يقول شيئاً قبل جهوز مضبطة الاتهام. يضع ذلك موظفو المحكمة التي يسدّد لبنان 49 بالمئة من كلفتها الباهظة، في وضع لا يحسدون عليه. فلا يمكنهم تبرير رواتبهم التي تفوق بأضعاف رواتب الموظفين في قصور العدل اللبنانية بينما لم تقدم ولم تؤخر المحكمة شيئاً حتى الآن. فتصرف الملايين هدراً حتى يثبت العكس.
والمواطن يَدفع ويُدفع ربما نحو الهاوية.