النبطية ــ كامل جابريبدأ مزارعو بلدة كفررمان بعرض جزرهم الأحمر المميّز في سوق الاثنين، في النبطية، مطلع شهر كانون الأول من كل عام. ويزرع هذا الجزر الأحمر الحلو الطعم في سهل الميذنة، السهل الأخصب والأوحد تقريباً في المنطقة. «هناك جزر أحمر في السوق، لكنه سوري، يتحلل لونه بمجرد ملامسته، ويختلف طعمه عن طعم الجزر الأحمر البلدي في كفررمان» يقول المزارع حسين حمزة وكنيته «أبو علي». ويردف: «لقد تعملت زراعة الجزر منذ أكثر من أربعين سنة، من والد زوجتي الحاج نمر مدلج، المشهور بزراعة الجزر في كفررمان. علمني أن زراعته يجب أن تكون «دليلة» أي متباعدة، وغير «عبية»، أي كثيفة، وإلا فلن يكبر ويسمن».
ليست كل أراضي كفررمان صالحة لزراعة الجزر الأحمر، «حتى لو كانت خصبة، ولقد جرّب البعض أن يزرع في حقول البلدة لكنه لم يحصل على الطعم الحلو عينه. لذلك تركزت زراعته في سهل الميذنة، وخصوصاً في أرض «الخشيش» التي تحتوي على الحصى والرمال. وهو يحتاج إلى كميات كبيرة من المياه التي تحلّي طعمه.
تراجعت تلك الزراعة في كفررمان بتراجع أعداد المزارعين فيها، وخصوصاً مع استمرار الاحتلال الإسرائيلي لسهل الميذنة قرابة 15 عاماً. أما اليوم فيعمل حسين حمزة وشقيقه محمد وشقيقتاه، مع سليمان سلوم ومنير معلم والغريب حمد في هذه الزراعة، بعدما كان يعمل فيها نحو مئة مزارع على الأقل. لذلك فإن متذوقي الجزر الأحمر ينتظرون الموسم بفارغ الصبر. يبدأ «اقتلاع» الجزر مطلع كانون الأول بعد زرعه في تموز، وينتهي أواخر شباط، أي إن الموسم يستمر لثلاثة أشهر فقط. بعدها «يصبح طعاماً للدواب، إذ يثخن و«يفوّت» أي يمضي زمن قطفه» يقول حمزة مردداً المثل الشعبي «بآذار أطعم جزرك للحمار».
جزر كفررمان الأحمر، في العادة، يؤكل «قَرْشاً» نيئاً، ويستخدمه البعض في الطعام وبعض السلطات، فضلاً عن سلقه أو شوائه مثل البطاطا الحلوة، كما يعصره البعض لتناوله سائلاً. ولندرته، «يتراوح سعر الكيلو منه بين ألفي ليرة و2500 ليرة، ونبيعه نظيفاً من دون أي شوائب بعد غسله بالمياه الجارية من نبع الميذنة الذي يستخدم للشرب»، بحسب حمزة.
هذه الزراعة في كفررمان أصيلة، أما البذور، فهي تنتج محلياً. إذ يختار المزارعون بين شهري كانون الثاني وشباط جزرات جيدة ومتينة تقتلع و«تشتّل» على بعد أكثر من خمسين سنتيمتراً بين الجزرة والأخرى في أثلام مخصصة؛ وتروى، حتى تشكل أوراقها فوق الأرض «شمسية» كبيرة من مجموعة أزهار. وتنتج كل «ضمة» نحو نصف أوقية من البذور بينما «تكفي الأوقية لزراعة نحو مئتي متر، أي يزرع الكيلوغرام الواحد دونماً بالكامل» كما يشرح حمزة.