نقولا أبورجيليلم يتوقع شادي (13 عاماً، اسم مستعار)، تلميذ في الصف الثالث المتوسط في إحدى المؤسسات التعليمية الخاصة في مدينة زحلة، أن يسبّب اختياره للثائر البوليفي تشي غيفارا، مثالاً أعلى له، جدالاً حاداً بينه وبين معلمته. بدأت قصة شادي قبل نحو أسبوع، يوم طلب من والده تزويده ببعض المعلومات عن حياة تشي غيفارا، وتاريخ مقتله. تلك الشخصية التي يراها كثيراً مطبوعة على قمصان أصدقائه وأترابه، وعلى ملصقات منتشرة بين أيادي محيطه. لم يكترث الأب في حينه لسؤال ابنه، بسبب انشغاله بتبادل أطراف الحديث مع الضيوف، ما دفع شادي إلى الاستعانة بشبكة الإنترنت، والدخول من خلالها إلى أحد المواقع الإلكترونية للاستحصال على معلومات كافية. اهتمام شادي بهذا الثائر لم يكن من محض الصدفة، بل لإنجاز فرض طلبته المعلمة من التلاميذ، وهو كتابة موضوع عن شخص يعتبرونه مثالاً أعلى لهم. في فرضه، لم يكتف شادي بكتابة وسرد بعض الجوانب الهامة المتعلقة بمسيرة حياة بطله، والظروف التي أدت إلى مقتله، بل ذهب إلى أبعد

حساب الحقل لم يأتِ على حساب البيدر
من ذلك، فقد دعّم موضوعه بأن أرفق صورة تشبيهية كبيرة للثائر البوليفي كان قد طبع نسخة عنها، ظناً منه بأن جهده الإضافي سيلقى إعجاباً واستحساناً من «المسّ»، إلا أن «حساب الحقل لم يأتِ على حساب البيدر»، كما يقول المثل الشائع، فبعد اطّلاع المعلمة على ما أنجزه تلميذها، ثارت ثائرتها وصبّت جام غضبها عليه، موجّهة له انتقادات لاذعة، ومستنكرة خياره بالقول: «ما لقيت غير هالشخص ليكون مثلك الأعلى؟!». الأمور لم تتوقف عند هذا الحدّ، إذ استدعت المعلمة الأب المكلّف بتعليم الدروس الدينية، الذي بدوره أنّب شادي وحاول إقناعه بعدم جدوى الاقتداء بمثل شخص كهذا يسيء إلى التعاليم المسيحية. لم يفهم شادي تماماً تلك القضية الشائكة، والتبست عليه الأمور بعدما اجتهد لينجز فرضاً لم يتلقّ عنه سوى التأنيب. التزم مبدئياً بما أملاه عليه الكبار والمربون، مؤجلاً بتّ أحقيّته حتى يكبر.