بنت جبيل ــ داني الأمينيتسابق الأهالي، كباراً وصغاراً، على ارتياد الحقول البور هذه الأيام لجمع نوع من الفطر البرّي، ينبت عادة بعد هطول الأمطار لأوّل مرّة في السنة. ويجد الكثيرون في هذا الموسم متنفساً وحجة للخروج إلى الحقول للتنزّه والرياضة، إضافة إلى جمع ما تيسّر من الفطر، الذي يعتبره الأهالي من المأكولات اللذيذة. حتى أنّ بعض الفقراء يعتمد عليه لجني بعض من رزقه، فيغادر صباحاً إلى الحقول ويعود مساءً محمّلاً بأكياس الفطر الذي يبيعه لبعض التجّار الذين يعرضونه للبيع مجدّداً. وقد انتشرت تجارة الفطر البرّي في هذا الموسم وازداد عدد الذين يقصدون الحقول بحثاً عنه. واللافت أن الأهالي، من جميع الفئات العمرية، الأغنياء منهم والفقراء، يتلذّذون بعملية البحث نفسها، ويقول فادي عبّود، من بلدة العديسة «الجميع هنا، كباراً وصغاراً، يبحثون عن الفطر البرّي، ويجدون ذلك مسليّاً. فليس مهمّاً الحاجة أو الفقر، فكبار السنّ يتبارون في جمع أكبر عدد من الفطر، والبعض يذهب باكراً إلى حقول بعيدة مخاطراً بسبب وجود القنابل العنقودية، ويجد في ذلك متنفّساً له وفرصة للقيام بالرياضة الجسديّة بسبب السير الطويل في الحقول، فالأمر وإن كان شاقّاً ومتعباً أحياناً، فهو متعة بحدّ ذاته، والأكثر متعة أن تأتي إلى المنزل محمّلاً بأكياس الفطر اللذيذ، الذي يكون فرصة أيضاً لقضاء سهرة أمام موقد الحطب لشيّ الثمرات مع الأسرة». ويذهب محمد حمادة، من بلدة الصوانة (قضاء مرجعيون)، إلى أنّ «أبناء البلدة كباراً وصغاراً،

الفطر موسم للصغار الذين يجدون فيه فرصتهم لكسب بعض المال
ينتظرون هذا الموسم لقطاف الفطر اللذيذ، فيطبخونه مع البصل، أو يشوونه على مواقد المازوت والحطب» ويقول: «أصبح البحث عن الفطر بديلاً من صيد الطيور، بسبب قرار منع الصيد نهائياً قريباً من الحدود مع فلسطين، بعد حرب تمّوز الأخيرة». ويبيّن رامي ترمس (11 سنة) أنّ «الفطر موسم للصغار، الذين يجدون فيه فرصتهم لكسب بعض المال الذي يحتاجونه لشراء حاجاتهم الخاصّة»، ويقول «أذهب أيام العطل المدرسية، منذ الصباح، مع عدد من رفاقي، ونعود بعد الظهر محمّلين بالفطر الأبيض، الذي هو من أفضل أنواع الفطر، وقد أصبحنا خبراء بأنواع الفطر وأفضلها وأكثرها طلباً من الأهالي». وانتشرت أخيراً ظاهرة المتاجرة بالفطر البرّي، وأصحاب محال الخضار والسمانة أصبحوا يشترونه من الأولاد ليبعوه للزبائن بأسعار مرتفعة. هكذا، يقول جهاد قوصان «تتسابق الناس على شراء الفطر من المحال، والبعض يدفع ثمنه مسبقاً، حتى أصبح ثمن الكيلو الواحد يزيد على 5000 ليرة أحياناً». بيد أنّ البعض يخاف من قطف أطفالهم أنواعاً من الفطر السام والقاتل أحياناً، وقد حدث في اليومين الماضيين أن أشيعت أخبار عن تسمّم ستّة أشخاص من أبناء بنت جبيل، جرّاء تناول فطر سام، لكنّ تبيّن أن الخبر عار من الصحّة. ومع ذلك حذّر أطباء بنت جبيل الأهالي من تناول بعض أنواع الفطر البرّي، الذي يكون سامّاً ويؤدي إلى تشمّع حادّ في الكبد ويعجز الأطباء عن معالجته، ما قد يسبب الموت للمتسمّم. فأنواع الفطر لا تعد ولا تحصى. ولذلك فإن مخاطر التهام أنواع جديدة أو غير معروفة للمستهلك قد تكون محفوفة بخطر الموت.