رنا حايكلا يتوقف الهاتف عن العطس. نعم العطس. فهي النغمة التي اخترتها للرسائل القصيرة. كل عطسة تحمل، بمناسبة الأعياد المجيدة، وعداً بآلاف الدولارات، أو تسهيلات ائتمانية ابتكرتها اتفاقيات تعقد بين مصارف ومتاجر، أو خفوضات تعلنها وكالات سياحية لقضاء الأعياد في عواصم الثلج. تنهال العطسات تباعاً، كثيفة، كالسيارات التي تحتل شوارع المدينة، تنفث مع ثاني أوكسيد الكربون هرمون التسوق النفّاذ، وكجحافل زوار المول الذي تعلو في رحابه نغمات أغانٍ حدّدت بناءً على دراسات «بافلوفية» المنحى، لقدرتها على تحفيز مستهلك الأعياد على التسوق. في السوبر ماركت، علب جبنة على شكل شجرة الميلاد في «عرض خاص»، و«دجاجة العيد» يغريك مندوب شاب على شرائها، ذاكراً أن معها هدية: إحدى وصفات «تانت نظيرة». تتجاوز الحدود الاجتماعية، وبتلقائية قد تكون فظّة تقول له: «يا معتّر شو مشغّلك هالشغلة؟»، فيبتسم ويقول: «شو بدي أعمل». في جنة الاستهلاك هذه أيضاً عمال مساكين مجبرون على اعتمار قبعة تعوق «شرشوبتها» البيضاء نظرهم وهم يعملون كالماكينات، وفيها، أمام أحد الرفوف المليئة بكل ما لذّ وطاب، طفل يلتهم شوكولاتة صنعت على شكل رجل يحبه وينتظر منه هدية. إننا نلتهم العيد.